تنفيذاً لولايتها كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في لبنان، قدّمت الهيئة بتاريخ 14 تموز/يوليو 2025 مساهمة خطّية في إطار الاستعراض الدوري الشامل فيما يتعلق بلبنان. من المقرر أن يخضع لبنان للاستعراض الدوري الشامل الرابع أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال الجلسة 51 لمجموعة العمل، والتي ستُعقد في جنيف بين 19 و30 كانون الثاني/يناير 2026. ويأتي هذا الاستعراض في إطار آلية أممية تهدف إلى تقييم سجل الدول في مجال حقوق الإنسان، حيث سيقدّم لبنان تقريره الوطني ويُجري حواراً تفاعلياً مع الدول الأعضاء حول الإنجازات والتحديات. وكانت الأمم المتحدة قد حدّدت مهلة أقصاها 17 تموز/يوليو 2025 لتقديم تقارير المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، تمهيداً لاعتماد التقرير النهائي خلال الدورة الاعتيادية لمجلس حقوق الإنسان في حزيران أو تموز 2026.
لا يُمكن لتقرير الهيئة الى المراجعة الدورية لمجلس حقوق الإنسان أن يقدّم صورة شاملة عن حالة حقوق الإنسان في لبنان، ولا تقييماً مفصلاً لجميع التوصيات الـ 297 الصادرة في الدورة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل لعام 2021. وبدلاً من ذلك، يركّز التقرير على المجالات التي تعتبرها الهيئة ذات أهمية خاصة. يركّز هذا التقرير على السنوات من 2021 إلى 2025، وهي الفترة التي واجه فيها لبنان، ولا يزال يواجه، عدة أزمات وتبعاتها الخطيرة: الانهيار الاقتصادي وإنكار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ الشلل السياسي والمؤسسي العميق والفراغات الدستورية المتكررة؛ العدوان الإسرائيلي والنزوح الداخلي.
اختارت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، اربعة مجالات ذات أولوية خاصة بتعزيز حقوق الإنسان في لبنان هي:
(أ) ضعف ترسيخ الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والآلية الوقائية الوطنية.
(ب) التعذيب، وسوء المعاملة، وظروف الاحتجاز.
(ج)سيادة القانون والمساءلة
(د)انتهاكات القانون الدولي الإنساني (IHL) والقانون الدولي لحقوق الإنسان (IHRL) خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان
تأمل الهيئة أن تشكل الدورة الرابعة من الاستعراض الدوري الشامل أداةً محورية للجمهورية اللبنانية في صياغة سياستها في مجال حقوق الإنسان. وعلى الحكومة، بالتالي، أن تُنشئ آلية للمتابعة والمراجعة بشأن التوصيات الصادرة عن الاستعراض الدوري الشامل وهيئات المعاهدات التابعة للأمم المتحدة، على أن تشمل هذه الآلية جميع مستويات الدولة وتضمن مشاركة المجتمع المدني والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان.
الجمهورية اللبنانية | الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب (NHRC-CPT)
المراجعة الرابعة للبنان في إطار الاستعراض
الدوري الشامل (UPR)
تقرير مقدم في إطار الاستعراض الدوري الشامل (UPR) من قبل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان
تموز/ يوليو 2025
أ. ملاحظات تمهيدية
- الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب (NHRC-CPT)، هي المؤسسة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في لبنان (NHRI) والآلية الوقائية الوطنية المعتمدة (NPM). تُكلّف الهيئة بمراقبة امتثال لبنان للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وإصدار تقارير خاصة أو دورية بشأن ما تتوصل إليه من نتائج. كما تُعنى برصد وتوثيق الانتهاكات خلال فترات النزاع المسلح 1، وتعمل عبر جميع الوسائل المتاحة لمكافحة الإفلات من العقاب وتعزيز المساءلة.
- لا يُمكن لهذا التقرير أن يقدّم صورة شاملة عن حالة حقوق الإنسان في لبنان، ولا تقييماً مفصلاً لجميع التوصيات الـ 297 الصادرة في الدورة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل لعام 2021. وبدلاً من ذلك، يركّز التقرير على المجالات التي تعتبرها الهيئة ذات أهمية خاصة. وقد تم تمييز القضايا التي تعتبرها الهيئة مثار قلق خاص، والتي ينبغي تناولها في التوصيات الموجهة إلى لبنان، بخط مائل. يركّز هذا التقرير على السنوات من 2021 إلى 2025، وهي الفترة التي واجه فيها لبنان، ولا يزال يواجه، عدة أزمات وتبعاتها الخطيرة: الانهيار الاقتصادي وإنكار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ الشلل السياسي والمؤسسي العميق والفراغات الدستورية المتكررة؛ العدوان الإسرائيلي والنزوح الداخلي.
- تأمل الهيئة أن تشكل الدورة الرابعة من الاستعراض الدوري الشامل أداةً محورية للجمهورية اللبنانية في صياغة سياستها في مجال حقوق الإنسان. وعلى الحكومة، بالتالي، أن تُنشئ آلية للمتابعة والمراجعة بشأن التوصيات الصادرة عن الاستعراض الدوري الشامل وهيئات المعاهدات التابعة للأمم المتحدة، على أن تشمل هذه الآلية جميع مستويات الدولة وتضمن مشاركة المجتمع المدني والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان.
ب. الموضوعات المقترحة التي ينبغي أن يأخذها فريق العمل التابع لمجلس حقوق الإنسان في الاعتبار ضمن الدورة الرابعة من الاستعراض الدوري الشامل للبنان
I. ضعف ترسيخ الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والآلية الوقائية الوطنية
- خلال الدورة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل، قبل لبنان اثنتي عشرة توصية تُطالب بالإسراع في إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان، بما في ذلك إنشاء لجنة وطنية دائمة للوقاية من التعذيب 2. وعلى الرغم من الجهود والإجراءات المتخذة منذ إقرار القانون رقم 62/ 2016، لم تُظهر الحكومة اللبنانية التزاماً باتخاذ خطوات جدية وعملية دون تأخير لتمكين الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب من مباشرة مهامها بما يتوفر لها من كوادر بشرية وموارد مالية كافية، وبما يضمن أداءها الفعّال والمستقل. ورغم كل التحديات والعقبات، تمكّنت الهيئة، بفضل جهود أعضائها ودعم المانحين، من الاضطلاع بدورها في مجال حقوق الإنسان من خلال تنظيم والمشاركة في أنشطة محلية وإقليمية ودولية تُعنى بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها 3.
- منذ اذار/مارس 2018، وهو تاريخ تعيين أول أعضاء في الهيئة، وحتى تموز/يوليو 2025، تعاقبت أربع حكومات في لبنان، وجميعها أخفقت في إصدار المراسيم التنظيمية اللازمة لتمكين الهيئة من أداء مهامها. وبحسب القانون انشائها تحتاج الهيئة بحاجة إلى خمسة مراسيم تنظيمية: النظام الداخلي، النظام المالي، مدونة قواعد السلوك، مرسوم التعويضات الشهرية الثابتة، ومرسوم تحديد التعويضات الشهرية لأعضاء الهيئة. بالإضافة إلى صدور قرار عن مجلس الوزراء بتخصيص مقر شاغر مملوك من الدولة كمقر للهيئة.
- انضم لبنان إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بموجب القانون رقم 12، الصادر في 5 أيلول/سبتمبر 2008. ووفقاً للمادة 17 من البروتوكول، التزمت الدولة بإنشاء آلية وقائية وطنية مستقلة خلال فترة لا تتجاوز سنة واحدة. استنفد لبنان فترة التأجيل البالغة خمس سنوات التي يسمح بها البروتوكول بموجب المادة 24. وبعد ستة عشر عاماً، لا يزال لبنان عاجزاً عن توفير التمويل الكامل أو إرساء الهيكل المؤسسي أو ضمان استقلالية الآلية الوقائية الوطنية.
- اتبعت وزارة العدل اللبنانية نهجاً تعسفياً في تعاملها مع مسألة تفعيل الهيئة. فقد تجاهلت الرسائل الرسمية الموجّهة إليها، وكذلك الدراسات القانونية التي أُجريت لدحض المزاعم غير القانونية التي وضعتها والمتعلقة باعتماد النظام الداخلي للهيئة، والتي أُحيلت إلى مجلس شورى الدولة، وهو الجهة القضائية المخوّلة بإبداء الرأي القانوني بشأن المراسيم التنظيمية. وقد التزمت الهيئة بشكل كامل بجميع الملاحظات التي وردت في الرأي رقم 7/2021–2022، الصادر بتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. وتم لاحقاً تقديم نسخة معدّلة من النظام الداخلي إلى رئاسة مجلس الوزراء، التي امتنعت رغم ذلك عن إدراج بند يتعلق بمراجعة واعتماد مراسيم الهيئة ضمن جدول أعمال مجلس الوزراء.
- قادت الهيئة حملات مناصرة استمرت لسنوات، ردّاً على الممارسات الإدارية التي فرضتها وزارة المالية، والتي هدّدت استقلاليتها. ففي عام 2020، وضعت الوزارة ضمن قانون الموازنة تعديلات على قانون إنشاء الهيئة، بهدف إخضاعها للسلطة المالية لرئاسة مجلس الوزراء. وبعد نجاح الهيئة في تأمين تعديل تشريعي بعد معركة مناصرة مكثفة داخل البرلمان، أصدر وزير المالية القرار رقم 518/1، الذي نصّ على إدراج فصل خاص بالهيئة ضمن الموازنة العامة للدولة تحت باب الهيئات الوطنية المستقلة، كما أنشأ وظيفة جديدة في الموازنة (رقم 1073) تهدف الى “حماية وتعزيز حقوق الإنسان”. ورغم إدراج موازنة الهيئة ضمن الموازنة العامة للدولة للسنوات 2023–2025، فإن ضآلة التمويل المخصص، إلى جانب استمرار غياب النظام المالي المعتمد ومرسوم التعويضات الشهرية، أبقى الهيئة في وضع مؤسساتي هش وأوضاع مالية غير مستقرة.
- في هذا السياق، تُقدَّم التوصيات التالية:
-
- اعتماد جميع المراسيم التنظيمية اللازمة لتفعيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان – المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب (NHRC-CPT)، بما في ذلك النظامين الداخلي والمالي ومخصصات الأعضاء، مع ضمان توفير موارد مالية كافية ومستدامة لدعم أعمالها. بهدف لتمكين الهيئة من العمل باستقلالية وفعالية، والحصول على الاعتماد من الدرجة “أ” من التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)؛
- ضمان الاستقلال القانوني والمؤسسي الكامل للهيئة من خلال التأكد من أن أي وزارة أو سلطة تنفيذية لا تمتلك صلاحية فرض أو التأثير على سياساتها الداخلية وأنظمتها. تُعد هذه الضمانات ضرورية لصون استقلالية الهيئة وفعاليتها وفقاً لمبادئ باريس.
II. التعذيب، وسوء المعاملة، وظروف الاحتجاز
- رغم مرور ثماني سنوات على صدور قانون تجريم التعذيب ومعاقبة مرتكبيه 5 رقم 65/ 2017، لا تزال السلطات القضائية اللبنانية تمتنع عن التحقيق في ادعاءات خطيرة بالتعذيب أبلغت عنها الهيئة. تواصل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وغيرها من الأجهزة الأمنية الرسمية، إجراء التحقيقات في قضايا تعذيب، بالرغم من أن قانون تجريم التعذيب يمنع هذه الأجهزة من التحقيق في مثل هذه الادعاءات. وتفتقر التحقيقات التي تُجريها هذه الأجهزة في أفعال ارتكبها عناصر تابعون لها إلى الاستقلالية والحياد.
- في 10 كانون الأول/ديسمبر 2021، تلقّت الهيئة شكوى من المواطن اللبناني م.ح.، ادّعى فيها أنه تعرّض للتعذيب بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2021، أثناء التحقيق معه من قِبل عناصر من مفرزة بعبدا القضائية، التابعة لدائرة التحقيقات الجنائية الإقليمية ضمن وحدة الشرطة القضائية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. قبلت الهيئة الشكوى وفتحت تحقيقاً شمل الاستماع إلى الضحية، وإجراء تقييم طبي شرعي من قبل خبيرين، وتكليف مستشار قانوني بإعداد الملف للإجراءات القضائية. في 24 نيسان/أبريل 2022، تقدّم الضحية بشكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان. وساهمت جهود الهيئة في إحالة قضية م.ح. إلى القضاء، ما أسفر عن تسجيل الملف تحت الرقم 1707/2022 — وهي أول قضية تعذيب يتم التحقيق فيها من قبل محكمة مدنية وليس محكمة عسكرية. ومع ذلك، وبعد مرور ثلاث سنوات على تقديم الشكوى، لا تزال القضية عالقة أمام قاضي التحقيق الأول.
- بين عامي 2023 و2025، قامت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان – المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب (NHRC-CPT) بمئات الزيارات 6 الشاملة لتقييم أوضاع المحتجزين في مختلف أنحاء لبنان. وقد أظهرت نتائج الزيارات التي شملت أكثر من 200 مركز احتجاز، تديرها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي (وزارة الداخلية) والجيش اللبناني (وزارة الدفاع)، وجود أوضاع قاسية ومهينة في السجون اللبنانية.
- يواجه المحتجزون في مراكز التوقيف والسجون اللبنانية سلسلة من الانتهاكات الجسيمة والمنهجية. وتشمل هذه الانتهاكات مطالبتهم بدفع رشاوى مقابل الحصول على حقوق أساسية مثل الرعاية الطبية، وزيارات العائلة، أو المساعدة القانونية، وفرض ما يُعرف بـ “إيجار غير قانوني” مقابل الحصول على سرير أو مساحة داخل الزنزانة. كما يتم الإبلاغ عن تهريب وتجارة ممنوعات، بما في ذلك المخدرات والهواتف المحمولة، بموافقة أو تواطؤ بعض إدارات السجون. ويؤدي الاكتظاظ الشديد إلى تفاقم الظروف السيئة أصلاً، في حين أن المرافق غير الصحية، وغياب التهوية، ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة، تُعرّض صحة المحتجزين للخطر. كما أن الرعاية الطبية غير كافية على نحو خطير، حيث تفشل السلطات في الاستجابة لاحتياجات الصحة الجسدية والنفسية على حد سواء.
- يعَدُّ الاختناق القضائي والجمود المؤسسي والترهل الإداري من المحركات الرئيسية للارتفاع الكبير في نسبة الاحتجاز السابق للمحاكمة في لبنان، حيث يشكل الأفراد الذين لم تتم إدانتهم بعد حوالي 60٪ من نزلاء السجون. وقد وثقت الهيئة حالات ظل فيها المحتجزون قبل المحاكمة قيد الاحتجاز لمدة تصل إلى خمس سنوات، وفي بعض الحالات لأكثر من عشر سنوات. ويُفاقم هذا الواقع المقلق قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني المتقادم بشكل كبير، فضلاً عن نظام قضائي يعاني من خلل شديد.
- لا يلبّي القانون رقم 65/ 2017 متطلبات المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR). ففي كانون الثاني/يناير 2020، ناقش مجلس النواب اللبناني إمكانية تعديل القانون؛ غير أن التعديلات المقترحة لم تصل إلى الهيئة العامة. وقد لاحظت الهيئة أن تعريف التعذيب الوارد في القانون رقم 65/ 2017 لا يزال محدود النطاق ولا يشمل بالشكل الكافي الأفعال التي تخرج عن معاييره الضيقة. وعليه، فإن القانون بحاجة إلى مراجعة وتعديل لمعالجة هذه الثغرات، ولتجريم الأفعال التي تنطوي على معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة بشكل صريح.
- في هذا السياق، تُقدَّم التوصيات التالية:
- ضمان التفعيل الكامل والدعم المستدام للآلية الوقائية الوطنية (NPM)، بما في ذلك تزويدها بالموارد القانونية والمالية والمؤسسية اللازمة لتنفيذ ولايتها بشكل مستقل وفعّال، بما يتماشى مع البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT).
- تحسين أوضاع الاحتجاز وتسريع البتّ في القضايا من خلال الحد من الاستخدام المفرط للاحتجاز السابق للمحاكمة، وضمان النقل الموثوق وفي الوقت المناسب للمحتجزين إلى المحاكم، وتطبيق بدائل فعّالة للاحتجاز.
- تعديل القانون رقم 65/ 2017 لضمان التوافق الكامل مع المعايير الدولية، من خلال الاستبعاد الصريح للظروف الاستثنائية، مثل حالة الحرب، أو التهديد بالحرب، أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي، أو أي حالة طوارئ عامة أخرى، كمبررات لأعمال التعذيب، وذلك تماشياً مع المادة 2(2) من اتفاقية مناهضة التعذيب.
III. سيادة القانون والمساءلة
- وجّه لبنان دعوة دائمة إلى الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان في 17 آذار/مارس 2011. ومع ذلك، لا يزال ثلاثة عشر مقرراً خاصاً وفريق عمل بانتظار زيارة البلد منذ عدة سنوات. وعلى الرغم من أن بعض التأخيرات قد تعود إلى تحديات لوجستية وتقنية، إلا أن العقبات المستمرة المرتبطة بالموافقات السياسية والدبلوماسية يجب معالجتها لضمان تنفيذ زيارات الجهات المكلفة بولايات الإجراءات الخاصة في الوقت المناسب ودون عوائق.
- إنّ فشل الحكومة اللبنانية منذ عام 2021 في تفعيل اللجنة الوطنية لإعداد التقارير ومتابعة التوصيات المتعلقة بالمعاهدات الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان، قد قوّض بشدة قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان. وقد أدّى هذا الشلل المؤسسي إلى تعطيل عمليات إعداد التقارير الحكومية الموجّهة إلى هيئات المعاهدات التابعة للأمم المتحدة والاستعراض الدوري الشامل، مما نتج عنه تجاوز المهل الزمنية، وتشتت في جمع البيانات، وضعف في التنسيق بين الوزارات. والأهم من ذلك، أن استمرار حالة الجمود هذه قد أدّى إلى إقصاء المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المستقلة من المشاركة الفعلية في المشاورات، مما أضعف من شفافية ومصداقية وشمولية إطار المتابعة والرصد المتعلق بحقوق الإنسان في لبنان.
- لم يتم احترام أو تنفيذ خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان (2014–2019) بشكل كامل، ويرجع ذلك أساساً إلى غياب إطار قانوني للخطة ملزم لكل من البرلمان والحكومة. في عام 2021، شاركت الهيئة بفعالية في اجتماعات اللجنة المعنية بتقييم ومراجعة وتطوير خطة عمل وطنية جديدة للفترة 2020–2024، وأسهمت بشكل كبير في صياغة نسختها النهائية. ومع ذلك، لم يتجاوز البرلمان حدود الاطلاع على إعداد الخطة، وفشل في إصدار توصية ملزمة للحكومة تدعو إلى تنفيذها. ولضمان فعاليتها، ينبغي إقرار خطة العمل الوطنية كأداة قانونية ملزمة تمنع الآثار السلبية على حقوق الإنسان، وتكفل الحماية، وتوفر سُبلاً فعّالة للإنصاف.
- كما فشل لبنان في الاستجابة للتوصيات المتكررة الصادرة عن جميع هيئات المعاهدات، والتي تدعو إلى إنشاء هيكل حكومي دائم يُعنى بإعداد التقارير والمتابعة. وتُعد هذه الآلية ضرورية لتنسيق إعداد التقارير الموجهة إلى آليات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، وتسهيل التفاعل معها، ورصد تنفيذ الدولة للالتزامات التعاهدية والتوصيات ذات الصلة على المستوى الوطني. علاوة على ذلك، لم يُوفّر لبنان لهذا الهيكل الموارد البشرية والمالية الكافية والمستدامة، ولم يضمن قدرته على الانخراط المنهجي مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
- لا يزال لبنان متأخراً بشكل كبير في مراجعة سجله في مجال حقوق الإنسان أمام أربع من هيئات المعاهدات التابعة للأمم المتحدة 7. فقد كان من المقرر أن يمثل أمام لجنة مناهضة التعذيب في أيار/مايو 2021، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تشرين الأول/أكتوبر 2021، ولجنة حقوق الإنسان في نيسان/أبريل 2023، ولجنة حقوق الطفل في حزيران/يونيو 2023. كما فشل لبنان في الوفاء بالتزاماته المتعلقة بتقديم التقارير بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والمواد الإباحية، حيث لا يزال تقريره الأول متأخراً منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2006. علاوة على ذلك، لم يُقدّم لبنان المعلومات المطلوبة لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز العنصري، ولا سيما الفقرات 11 (المتعلقة بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)، و13 (الخطة الوطنية لحقوق الإنسان)، و19 (تسجيل الولادات)، والتي كان يجب تقديمها بعد عام من اعتماد الملاحظات الختامية، أي بحلول أيلول/سبتمبر 2022.
- وفي هذا السياق، تُقدَّم التوصيات التالية:
- ضمان التعاون الكامل مع آليات حقوق الإنسان الدولية من خلال كفالة الوصول غير المقيّد لإجراءات الأمم المتحدة الخاصة، وإعادة تفعيل اللجنة الوطنية لإعداد التقارير ومتابعة التوصيات المتعلقة بالمعاهدات الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان وتزويدها بالموارد المناسبة، والوفاء بجميع الالتزامات المتأخرة في تقديم التقارير إلى هيئات المعاهدات التابعة للأمم المتحدة.
- مراجعة وتحديث وإقرار خطة عمل وطنية جديدة للفترة 2026–2030، استجابةً للتطورات المستجدة، واستناداً إلى التقدم التراكمي في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
IV. انتهاكات القانون الدولي الإنساني (IHL) والقانون الدولي لحقوق الإنسان (IHRL) خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان
- كثّفت إسرائيل حربها ضد لبنان تحت اسم “عملية السهام الشمالية” في 23 أيلول/سبتمبر 2024، وهي حملة كانت قد بدأت بالتصعيد التدريجي منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وأسفرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وتشرين الثاني/نوفمبر 2024 عن عواقب إنسانية جسيمة وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان (IHRL) والقانون الدولي الإنساني (IHL).
- في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، توصّل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، جرى تمديده لاحقاً في 27 كانون الثاني/يناير 2025 لعدة أسابيع إضافية. وعلى الرغم من ذلك، وثّقت السلطات اللبنانية أكثر من 3,138 انتهاكاً إسرائيلياً، أسفرت عن نحو 245 حالة قتل وما لا يقل عن 609 إصابة، لغاية 14 من تموز/يوليو 2025 وفقاً للبيانات الرسمية، وهي مستمرة بوتيرة يومية. كما أخفقت إسرائيل في إتمام انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول الموعد النهائي المحدد في 18 شباط/فبراير، حيث واصلت احتلال خمسة تلال استراتيجية سيطرت عليها خلال النزاع. وبحسب الرصد الميداني والتوثيق الرسمي، سجّلت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان 8 أكثر من 14,775 هجوماً إسرائيلياً خلال العدوان، ما أدى إلى مقتل أكثر من 4,036 شخص، بينهم ما لا يقل عن 1,106 من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 16,663 آخرين. وقد أسفرت الحملة العسكرية عن نزوح ما يُقدّر بنحو 1.4 مليون مدني 9.
- يُشكّل قتل إسرائيل للصحفيين أثناء تأدية عملهم من خلال ضربات مباشرة جريمة حرب 10. كما أن القوات الإسرائيلية استهدفت عمداً وبشكل متكرر فرق الإنقاذ والطواقم الطبية والمرافق الصحية 11، وهي أفعال تُصنّف على أنها “جرائم حرب واضحة”. وتشمل الانتهاكات الموثّقة أيضاً الاستهداف المتعمد للمدنيين 12 ومقار اليونيفيل، والاستخدام غير المشروع للفوسفور الأبيض 13، وتدمير مواقع التراث الثقافي – وكلّها تُعدّ خروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
- واجهت الحكومة اللبنانية تحديات كبيرة في تنفيذ خطة الطوارئ الوطنية بشكل فعّال استجابةً للأزمة. وقد اتّسمت استجابتها بالبطء وعدم الكفاءة، لا سيما في تلبية الاحتياجات العاجلة للنازحين. وقد سُجّلت أوجه قصور كبيرة في توفير المأوى، والوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والحماية القانونية، خصوصاً للأشخاص ذوي الإعاقة، والنساء، والأطفال، واللاجئين، والعمال المهاجرين. وقد تعرّض العديد من هؤلاء الفئات الضعيفة للتمييز والاستغلال والإهمال، مما أدى إلى انتهاكات خطيرة لحقوقهم الأساسية في الكرامة، والسكن، والتعليم، والصحة.
- لا تزال التحديات التي تلت الحرب، بما في ذلك غياب خطة شاملة تقودها الدولة لإعادة الإعمار وعودة النازحين، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الحدودية، وغياب البنية التحتية والخدمات الأساسية في المناطق المتضررة، تُقوّض فرص العودة الآمنة والكريمة.
- في هذا السياق، تُقدَّم التوصيات التالية:
- الدعوة لإنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة ومُزوَّدة بموارد كافية من أجل التحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني، والجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان منذ أكتوبر 2023، وتوثيقها، وإثبات الوقائع والظروف والأسباب الجذرية لها، بغية ضمان محاسبة مرتكبيها وتحديد هوياتهم؛
- إحالة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، من خلال إلغاء التراجع المريب عن قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 نيسان/أبريل 2024، القاضي بقبول اختصاص المحكمة في التحقيق في الجرائم التي تندرج ضمن ولايتها، والتي ارتُكبت على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وملاحقة مرتكبيها، وذلك وفقاً للمادة 12، الفقرة 3 من نظام روما الأساسي.
الحواشي الختامية
- الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان – لبنان، “القانون رقم 62 /2016: إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب”، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2016،
https://nhrclb.org/en/archives/3222
- مجلس حقوق الإنسان، تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل: لبنان، 13 نيسان/أبريل 2021، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/47/5، الفقرات 150.16، و150.48–150.52، و150.54–150.56، و150.58–150.60.
- الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، أصدرت تقارير سنوية توثّق عملها في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، بما في ذلك التقرير السنوي لعام 2022 (https://nhrclb.org/archives/372 )، والتقريران السنويان لعام 2023 https://nhrclb.org/archives/1914 وعام 2024 https://nhrclb.org/archives/3016 . كما أصدرت الهيئة تقريرها في إطار الدورة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل للبنان في 18 كانون الأول/ديسمبر 2021 https://nhrclb.org/archives/1774 ، بالإضافة إلى تقرير اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب في لبنان المقدم إلى اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة لعام 2022 https://nhrclb.org/archives/1674
- الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، موازنة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان لعام 2024:
https://nhrclb.org/archives/1632
- مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، “لبنان: إحراز تقدم ضئيل في منع التعذيب، بحسب خبراء الأمم المتحدة”، 12 أيار/مايو 2022: https://www.ohchr.org/ar/press-releases/2022/05/lebanon-little-progress-torture-prevention-un-experts-find هيومن رايتس ووتش، “لبنان: تطبيق قانون مناهضة التعذيب”، 26 حزيران/يونيو 2023:
https://www.hrw.org/ar/news/2023/06/26/lebanon-enforce-anti-torture-law - الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب: “رصد انتهاكات حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز في لبنان: الحرمان من كل شيء” (تقرير عن الزيارات بين 1 تموز و30 كانون الأول 2023):
https://nhrclb.org/archives/1744
“تقرير الزيارات إلى سجني طرابلس وزحلة: أوضاع مروّعة” (الزيارات أجريت في 15 و22 أيلول 2023؛ نُشر في 16 آب 2024):
https://nhrclb.org/en/archives/522 - الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، “استعراض سجل لبنان في مجال حقوق الإنسان أمام آليات المعاهدات والإجراءات الخاصة: تأخير وتسويف”:
https://nhrclb.org/archives/1523
- الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، “تحديات سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان” (تقرير خاص)، آخر تحديث في حزيران/يونيو 2025، تم الاطلاع عليه في 12 تموز/يوليو 2025:
https://nhrclb.org/en/archives/3131
- وفقاً لوزارة الصحة العامة اللبنانية، بلغ العدد المحدث لضحايا العدوان الإسرائيلي حتى تاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2024، 4047 قتيلاً و16638 جريحاً. تتوفر البيانات على الرابط التالي:
- منظمة العفو الدولية، “لبنان: الهجوم الإسرائيلي القاتل على الصحفيين يجب التحقيق فيه كجريمة حرب”، 7 كانون الأول/ديسمبر 2024: https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2023/12/lebanon-deadly-israeli-attack-on-journalists-must-be-investigated-as-a-war-crime
الهجوم أسفر عن مقتل المصور الصحفي عصام عبد الله، الذي كان يعمل مع وكالة رويترز، وإصابة الصحفيين كارمن جوخدار، وإيلي براخيا، وكريستينا عاصي، وديلان كولينز، وماهر نازح، وثائر السعداني. منظمة العفو الدولية (بالإنجليزية): https://www.amnesty.org/en/latest/news/2023/12/lebanon-deadly-israeli-attack-on-journalists-must-be-investigated-as-a-war-crime
هيومن رايتس ووتش، “إسرائيل: الضربات ضد الصحفيين في لبنان تبدو متعمدة – استهداف المدنيين عمداً جريمة حرب”، 7 كانون الأول/ديسمبر 2023:
https://www.hrw.org/news/2023/12/07/israel-strikes-journalists-lebanon-apparently-deliberate
رويترز، “نيران دبابة إسرائيلية قتلت صحفي رويترز عصام عبد الله في لبنان”، 7 كانون الأول/ديسمبر 2023:
https://www.reuters.com/graphics/ISRAEL-LEBANON/JOURNALIST/akveabxrzvr/index.html
وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، “مقتل وإصابة صحفيين في لبنان – تحقيق وكالة الصحافة الفرنسية يشير إلى الجيش الإسرائيلي”، كانون الأول/ديسمبر 2023: https://showcase.afp.com/pages/journalists-killed-and-injured-in-lebanon_afps-investigation-points-to-israeli-army_jIoC6PQA_616/
- هيومن رايتس ووتش، “لبنان: هجمات إسرائيلية على الطواقم الطبية تُعد على ما يبدو جرائم حرب”، 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024:
https://www.hrw.org/ar/news/2024/10/30/lebanon-israeli-attacks-medics-apparent-war-crimes - مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (UNOHCHR)، “أجهزة النداء والراديو المتفجرة: انتهاك مروّع للقانون الدولي، بحسب خبراء الأمم المتحدة”، 19 أيلول/سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط:
- منظمة العفو الدولية، “لبنان: أدلة على الاستخدام غير القانوني للفوسفور الأبيض من قبل إسرائيل في جنوب لبنان مع تصاعد الأعمال العدائية عبر الحدود”، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023، متاح عبر:
https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2023/10/lebanon-evidence-of-israels-unlawful-use-of-white-phosphorus-in-southern-lebanon-as-cross-border-hostilities-escalate/
هيومن رايتس ووتش، “لبنان: استخدام إسرائيل للفوسفور الأبيض يعرض المدنيين للخطر”، 25 حزيران/يونيو 2024، متاح عبر:
https://www.hrw.org/ar/news/2024/06/05/lebanon-israels-white-phosphorous-use-risks-civilian-harm
هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)