قدّمت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب طلبها الرسمي لنيل الاعتماد الدولي أمام التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، وذلك بعد سلسلة من الاجتماعات التقنية والدبلوماسية التي عقدها مفوّض العلاقات الدولية في الهيئة، بسّام القنطار، خلال زيارة رسمية إلى جنيف بين 10 و14 تشرين الثاني 2025. ويشكّل هذا التقدّم خطوة محورية في مسار تعزيز مكانة الهيئة كآلية وطنية مستقلة تعكس التزام لبنان بمبادئ باريس والمعايير الدولية ذات الصلة، كما يعكس الإرادة المؤسسية لترسيخ دور الهيئة في الرقابة، والمساءلة، ومنع التعذيب، وحماية الحقوق والحريات الأساسية.
تضمّن برنامج الزيارة سلسلة اجتماعات رسمية مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بدءاً بلقاء موسّع في قصر ويلسون مع نائبة رئيس قسم المؤسسات الوطنية والآليات الإقليمية، السيدة سينثيا رادرت، ومسؤول حقوق الإنسان، السيد جوني باريوغار وايت. وقد خُصّص هذا الاجتماع لمناقشة المتطلبات التقنية لملف الاعتماد، حيث تلقت الهيئة توجيهات متخصصة حول الخطوات الواجب إنجازها قبل الدورة المقبلة للجنة الاعتماد الفرعية (SCA).
وفي سياق تعزيز التعاون الدولي، عقد القنطار جولة واسعة من اللقاءات في قصر الأمم المتحدة مع عدد من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان. واستعرض خلال هذه الاجتماعات ورقة مناصرة تتضمن أولويات الهيئة ضمن الاستعراض الدوري الشامل. وتوّجت هذه اللقاءات باجتماع رسمي مع رئيسة بعثة لبنان في جنيف، السفيرة كارولين زيادة، بحضور الدبلوماسية رنا خوري، حيث جرى التوافق على تنسيق الجهود بين البعثة والهيئة خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلق بدعم ملف الاعتماد ومشاركة الهيئة في أعمال مجلس حقوق الإنسان.
كما استكملت الهيئة لقاءاتها باجتماع مع السيد محمد نسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية، حيث جرى تقييم التقدّم المحقّق حتى الآن في مسار الاعتماد، وبحث التحديات المؤسسية التي لا تزال تواجه الهيئة، ومن بينها ضرورة تعزيز مواردها المالية وتوفير مقرّ مستقل يراعي المعايير الدولية، إضافة إلى تعزيز التعاون مع الوزارات والإدارات المعنية لضمان تنفيذ ولاية الهيئة بالشكل الأمثل.
لقد أتاحت هذه الزيارة للهيئة فرصة تعزيز حضورها الدولي كجهة مستقلة معنية برصد حقوق الإنسان ومنع التعذيب، كما أفسحت المجال أمام بناء شراكات جديدة مع مؤسسات أممية وحقوقية متخصصة، ما يفتح الباب أمام تعاون أكبر خلال مرحلة ما قبل مناقشة طلب الاعتماد في نيسان 2026.
ويعد حصول الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب على الاعتماد في المركز “ألف” خطوة بالغة الأهمية، إذ يتيح لها الإدلاء ببيانات شفوية في إطار جميع البنود الموضوعية لجدول أعمال مجلس حقوق الإنسان، والمشاركة من خلال رسائل فيديو في المناقشات العامة للمجلس، بما في ذلك أثناء اعتماد نتائج الاستعراض الدوري الشامل للدول، وكذلك التدخل مباشرة بعد الدولة المعنية خلال جلسات الحوار التفاعلي حول التقارير القطرية لأصحاب الولايات في إطار الإجراءات الخاصة. كما يسمح لها بتقديم وثائق رسمية تصدر برمز وثيقة للأمم المتحدة، وشغل مقاعد مستقلة في جميع دورات المجلس. ووفقاً للفقرة 28 من قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/21 المتعلق بمراجعة عمل المجلس وأدائه، تُمنح المؤسسات الوطنية ذات المركز “ألف” حق تسمية مرشحين لشغل مناصب ضمن الإجراءات الخاصة (الفقرة 22(أ)).
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء أقرّ مشروعي المرسومين المتعلقين بالنظامين الداخلي والمالي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب بموجب القرار رقم 5 تاريخ 9/10/2025. وتكثّف الهيئة حالياً جهود المناصرة لإقرار بقية المراسيم، ولا سيما مرسوم تحديد مخصصات رئيس وأعضاء الهيئة ومرسوم نظام التعاقد، كما باشرت تجهيز مقرّها الجديد في بيروت الذي سيُعلن عن افتتاحه رسمياً قبل نهاية هذا العام.
وتؤكد الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب أن تقدّمها رسمياً بطلب الاعتماد أمام التحالف العالمي يشكّل خطوة تاريخية نحو نيل الاعتراف الدولي الكامل باستقلاليتها وولايتها، وأنها ستواصل العمل خلال الأشهر المقبلة على استكمال المتطلبات القانونية والهيكلية والتقنية اللازمة تمهيداً لعرض ملفها أمام لجنة الاعتماد الفرعية خلال دورتها السابعة والأربعين.
هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)

