spot_img
spot_img

منشورات أخرى

لبنان يُطلق الإجراءات التشغيلية الموحّدة لتحديد ومساعدة وحماية ضحايا الاتجار بالبشر

أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع وزارات العدل، والداخلية...

مشاركة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في الحلقة الأولى من برنامج “حوارات السراي”

شارك مفوّض العلاقات الدولية والإعلام في الهيئة الوطنية لحقوق...

الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تُصدر رأيها في اقتراح قانون “الحق في الغذاء وإنشاء المجلس الوطني للنظم الغذائية”

أصدرت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب رأيها القانوني في اقتراح القانون المقدَّم من النائبة الدكتورة عناية عز الدين حول “الحق في الغذاء وإنشاء المجلس الوطني للنظم الغذائية”، معتبرةً أنه يشكّل خطوة تأسيسية لتحويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من مبادئ نظرية إلى التزامات قانونية قابلة للقياس والمساءلة.

وأكّدت الهيئة أنّ المشروع ينسجم مع الدستور اللبناني والاتفاقيات الدولية، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما يعزّز التزام لبنان بتحقيق الحق في الغذاء الكافي والمستدام في إطار أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.

وأشادت الهيئة بإنشاء المجلس الوطني للنظم الغذائية كإضافة مؤسساتية تجمع الوزارات المعنية والهيئات المستقلة والمجتمع المدني، مؤكدةً ضرورة تحديث عضوية المؤسسات العامة الواردة في المشروع لتتلاءم مع الهيكل الإداري القائم.

كما رحّبت بإنشاء لجنة دائمة لحماية الحق في الغذاء ضمن الهيئة الوطنية، معتبرةً أنّ هذا الإجراء يعزّز مبدأ الرقابة المستقلة والشفافية والمساءلة، ويدعم الفئات الأكثر ضعفًا من نساء وأطفال وكبار سن وذوي إعاقة.

وفي ختام رأيها، أوصت الهيئة بضمان الاستقلال المالي والإداري للجنة حماية الحق في الغذاء، وإشراك المجتمع المدني والمزارعين في آليات اتخاذ القرار، وتوحيد التعريفات مع المعايير الدولية، وإدراج التثقيف الغذائي والبيئي في المناهج التربوية.

في ما يلي النص الكامل 

رأي الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في اقتراح قانون “الحق في الغذاء وإنشاء المجلس الوطني للنظم الغذائية”

أولاً: في الوقائع والإجراءات

تقدمت سعادة النائبة الدكتورة عناية عز الدين باقتراح قانون بعنوان “الحق في الغذاء وإنشاء المجلس الوطني للنظم الغذائية” بتاريخ 26 شباط 2024، وقد أحيل الاقتراح إلى لجان الإدارة والعدل، البيئة، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، الصحة العامة، العمل، الشؤون الاجتماعية، الزراعة والسياحة، كما أُحيل إلى الحكومة في التاريخ ذاته.
وبتاريخ لاحق، أحالت الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء المشروع إلى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب لإبداء الرأي القانوني عملاً بالمادة 15 من القانون رقم 62/2016.

ترى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان أن اقتراح قانون “الحق في الغذاء وإنشاء المجلس الوطني للنظم الغذائية” يُعتبر خطوة تأسيسية في مسار تحويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من مبادئ نظرية إلى التزامات قانونية قابلة للقياس والمساءلة.
كما يشكّل هذا المشروع نموذجاً للتكامل بين حقوق الإنسان والتنمية المستدامة والسياسات العامة، ويعزز موقع لبنان في التزامه الدولي بالحق في الغذاء الكافي والمستدام.

ثانياً: في الأساس القانوني لاختصاص الهيئة

استنادًا إلى القانون رقم 62/2016، تختص الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بما يأتي:

  • مراقبة تنفيذ التزامات لبنان الدولية في مجال حقوق الإنسان؛

  • إبداء الرأي في مشاريع القوانين والسياسات العامة ذات الصلة بحقوق الإنسان، وبخاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛

  • رصد وتوثيق الانتهاكات وإعداد التقارير والتوصيات الموجهة إلى السلطات العامة.

بناءً عليه، فإن اقتراح قانون “الحق في الغذاء” يدخل ضمن نطاق صلاحيات الهيئة، بالنظر إلى ارتباطه المباشر بالحقوق الأساسية في الحياة، الصحة، الكرامة، البيئة السليمة، والعدالة الاجتماعية.

ثالثاً: في الإطار الدستوري والقانوني الوطني

يتماشى المشروع مع أحكام الدستور اللبناني، لاسيما:

  • الفقرة (ب) من مقدمة الدستور التي تنص على التزام لبنان بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛

  • الفقرة (ج) التي تؤكد المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز؛

  • الفقرة (هـ) التي تُلزم الدولة بالعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن؛

  • الفقرة (و) التي تنص على حماية البيئة كمصلحة عامة أساسية.

كما يشكل المشروع استكمالاً وتطويراً للقانون رقم 35/2015 (سلامة الغذاء)، من خلال توسيع نطاق الحماية إلى الحق في الغذاء الكافي والمغذي والمستدام، وإعادة تنظيم المؤسسات ذات الصلة في إطار وطني متكامل يشمل الرقابة، المشاركة، والمساءلة.

رابعاً: في المرجعيات الدولية

ينسجم اقتراح القانون مع الالتزامات الدولية للبنان بموجب:

  1. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) – المادة 11 التي تعترف بحق كل شخص في الغذاء الكافي، والمادة 12 التي تربط الحق في الصحة بالبيئة والغذاء.

  2. التعليق العام رقم 12 (1999) الصادر عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يحدد الأركان الخمسة للحق في الغذاء:

    • التوافر (Availability)

    • الوصول (Accessibility)

    • الاستخدام (Utilization)

    • الاستقرار (Stability)

    • الاستدامة (Sustainability).

  3. التعليق العام رقم 26 (2022) بشأن الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، الذي يربط هذا الحق بالأمن الغذائي.

  4. أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (2030)، خصوصاً الهدف رقم (2): “القضاء على الجوع وضمان الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة”.

  5. إعلان منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) حول “الحق في الغذاء” (2004)، الذي يحثّ الدول على إنشاء مجالس وطنية مستقلة للأمن الغذائي تشارك فيها الهيئات الوطنية لحقوق الإنسان.

خامساً: في تحليل بنود المشروع

1. في تكريس الحق في الغذاء كحق إنساني أساسي

يكرّس المشروع مفهوم الغذاء كحق قانوني وليس كمجرد حاجة بيولوجية، ويجعل من الدولة ضامناً لهذا الحق من خلال تشريعاتها وسياساتها العامة.
كما يربط بين الحق في الغذاء والحق في الكرامة الإنسانية، وهو ما يتوافق مع الاتجاه الحديث في فقه حقوق الإنسان الذي يعتبر الحرمان من الغذاء شكلاً من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية.

2. في إنشاء المجلس الوطني للنظم الغذائية

تُعدّ فكرة المجلس إضافة مؤسساتية متقدمة، إذ تجمع بين الوزارات المعنية (الزراعة، البيئة، الاقتصاد، الصحة…) والجهات المستقلة (الهيئة الوطنية، النقابات، الجمعيات التعاونية، أصحاب العمل).
ترى الهيئة ضرورة مراجعة وتحديث لائحة عضوية المؤسسات العامة الممثلة في المجلس الوطني للنظم الغذائية فء المادة (33) من اقتراح القانون بما يضمن اتساقها مع الهيكل المؤسساتي القائم في الدولة اللبنانية. لذلك توصي الهيئة بشطب أو استبدال أسماء المؤسسات أو المجالس العامة التي أُلغيت بموجب مرسوم أو قانون أو التي توقفت فعليًا عن ممارسة مهامها. 

3. في إنشاء لجنة حماية الحق في الغذاء ضمن الهيئة الوطنية

تنص المادة (30) على إنشاء لجنة دائمة لدى الهيئة الوطنية تُعنى برصد انتهاكات الحق في الغذاء، وتعمل بالتنسيق مع المجلس الوطني للنظم الغذائية. كما تنص المادة (31) على تحديد مهام هذه اللجنة. وسوف مجلس الهيئة قراراً بتشكيل هذه اللجنة وفق مقتضيات القانون 62 ومرسوم النظام الداخلي للهيئة.
وتعتبر الهيئة أن هذا التنسيق يُعزّز مبدأ الرقابة المستقلة المنصوص عليه في مبادئ باريس (1993)، كما يضمن المتابعة الموضوعية للتنفيذ والتقارير الوطنية أمام الأمم المتحدة.

4. في حماية الفئات الضعيفة

يُثني المشروع على إيراده فصلاً خاصاً بالنساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة والفقراء، ويُلزم الوزارات باتخاذ تدابير محددة لضمان وصولهم إلى الغذاء الكافي والمغذي، مما يعزز مبدأ التمييز الإيجابي ويكرّس العدالة الاجتماعية.

5. في المساءلة والشفافية

يتضمن المشروع آليات فعّالة للرصد والإبلاغ الدوري، ونشر البيانات المتعلقة بالأمن الغذائي من خلال التعاون مع إدارة الإحصاء المركزي ووزارة الإعلام.
وتعتبر الهيئة أن هذا الإجراء ينسجم مع مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومات (القانون رقم 28/2017) ومع متطلبات الشفافية في إدارة الموارد العامة.

سادساً: في الملاحظات والتوصيات

  1. ضمان الاستقلال المالي والإداري للجنة حماية الحق في الغذاء ضمن موازنة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، منعًا لأي تأثير حكومي على عملها.
  2. ضمان اقرار مجلس الوزاء لجميع المراسيم الناظمة للهيئة لا سيما مرسوم تحديد مخصصات رئيس ونائب رئيس واعضاء الهيئة، ومرسوم نظام المتعاقدين مع الهيئة، ومرسوم قواعد أخلاقيات الهيئة, 
  3. إشراك المجتمع المدني والمزارعين في آليات اتخاذ القرار ضمن المجلس الوطني، تطبيقًا لمبدأ المشاركة المنصوص عليه في المادة 21 من المشروع.
  4. توحيد تعريفات الحق في الغذاء الواردة في المشروع مع تلك المعتمدة في الوثائق الدولية (مثل “Voluntary Guidelines to Support the Progressive Realization of the Right to Food”, FAO 2004).
  5. إدراج التثقيف الغذائي والبيئي في المناهج التربوية ضمن خطة وطنية تنفذها وزارتا التربية والصحة.
  6. التأكيد على دور القضاء اللبناني في حماية هذا الحق من خلال تمكين الأفراد من رفع دعاوى في حال الحرمان منه أو التمييز الغذائي، تعزيزًا للنفاذ إلى العدالة.

 

هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: English (الإنجليزية)

NHRCLB
NHRCLBhttps://nhrclb.org
تعمل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في لبنان وفق المعايير الواردة في الدستور اللّبناني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والقوانين اللّبنانية المتفقة مع هذه المعايير. وهي مؤسسة وطنية مستقلة منشأة بموجب القانون 62/ 2016، سنداً لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة (مبادئ باريس) التي ترعى آليات إنشاء وعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. كما تتضمن آلية وقائية وطنية للتعذيب (لجنة الوقاية من التعذيب) عملاً بأحكام البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة الذي انضم اليه لبنان بموجب القانون رقم 12/ 2008.