في إطار التزامنا بإعداد التقرير الرابع للبنان ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة (UPR) لعامي 2025/2026، شاركت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك لجنة الوقاية من التعذيب (NHRC-CPT)، بالتنسيق الوثيق مع حكومة لبنان والمكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، في المشاورات الوطنية الموسّعة التي عُقدت في فندق فينيسيا – بيروت بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر 2025.
وقد جمعت هذه المشاورات المحورية جهات فاعلة رئيسية، بما في ذلك الآلية الوطنية للإبلاغ والمتابعة والتنفيذ (NMRF)، والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، التي تضم لجنة الوقاية من التعذيب، والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، إلى جانب طيف واسع من منظمات المجتمع المدني.
وفي إطار تنفيذ ولايتها كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في لبنان، قدمت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك لجنة الوقاية من التعذيب (NHRC-CPT)، تقريرها ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة بشأن لبنان إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
الكلمة الافتتاحية: الدكتور فادي جرجس، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب
في مداخلته، شدد الدكتور فادي جرجس، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، على أن الهيئة، بصفتها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان المستقلة والمُعيَّنة كآلية وطنية للوقاية، لا تزال تواجه تحديات مؤسسية ومالية جِدّية. على الرغم من صدور القانون رقم 62 لعام 2016، الذي أنشأ الهيئة، لم تتبنَّ الحكومة حتى الآن المراسيم التنظيمية الخمسة الضرورية التي تضمن استقلاليتها الكاملة وكفاءتها في العمل.
أبرز الدكتور جرجس عدداً من القضايا ذات الأولوية لدورة المراجعة الدورية الشاملة الرابعة للبنان:
-
المأسسة والاستقلالية: الحاجة الملحة لأن تتبنّى الحكومة كل المراسيم المتبقية، وتوفّر الموارد الكافية، وتضمن استقلال الهيئة وفق مبادئ باريس. من دون ذلك، يواجه لبنان خطرَ تقويض مصداقية نظام حقوق الإنسان الوطني وقدرته على نيل تصنيف “الفئة أ” لدى منتدى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI).
-
التعذيب وظروف السجن: كشفت نتائج متابعة الهيئة لأكثر من مئتي مرفق احتجاز عن انتهاكات منهجية، منها الازدحام، والفساد، وغياب الرعاية الطبية. جدد الدكتور جرجس التأكيد على ضرورة تعديل القانون رقم 65 لعام 2017 ليواكب المعايير الدولية ويضمن ألا تُبرّر الظروف الاستثنائية التعذيب.
-
سيادة القانون والمساءلة: التأخر المطوّل للبنان في تفعيل الآلية الوطنية للتنفيذ والتقرير والمتابعة (NMIRF) قد أضعف قدرته على الانخراط مع الآليات الدولية. دعا كذلك الحكومة إلى إعادة تفعيل هذه الآلية، والوفاء بالتزاماتها في التقرير المتأخر، وتبني خطة وطنية عمل لحقوق الإنسان ذات صبغة قانونية ملزمة.
-
تأثير العدوان الإسرائيلي: دان الدكتور جرجس الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في 2023–2024، بما في ذلك استهداف المدنيين، الصحفيين، والمرافق الصحية. وطالب بإنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة، وإعادة الاعتراف من قبل لبنان بولاية المحكمة الجنائية الدولية.
واختتم مؤكّداً أن المراجعة الدورية الشاملة يجب أن تكون أداة مركزية لصياغة سياسة لبنان في مجال حقوق الإنسان، وأن مشاركة المجتمع المدني والمؤسسات المستقلة بشكل فعّال ضروري لمصداقية هذه العملية.
شهدت فعالية 12 سبتمبر مداخلات موضوعية من مؤسسات وطنية ومنظمات مجتمع مدني تغطي مجالات: سيادة القانون والعدل، حرية التعبير والدين، حقوق المرأة والطفل، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وقضايا الهجرة.
وفي ملاحظاته، أكّد ممثل مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان الإقليمي أن عملية المراجعة الدورية الشاملة ليست مجرد ممارسة تقريرية فحسب، بل فرصة لتعزيز الحوار، وتكريس المساءلة، وبناء شراكات أقوى بين الدولة والمجتمع المدني لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في لبنان.
هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)