شكّل الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في آب/ أغسطس 2020، وأسفر عن مقتل 200 شخص، مأساةً زادت من تفاقم الأزمات اللبنانية المتراكمة والمستمرّة، وأبرزها الاضطرابات الاجتماعية الواسعة النطاق وعدم الاستقرار السياسي ومشاكل الحوكمة الخطيرة والانهيار الاقتصادي وانهيار العملة الوطنية، بالإضافة إلى جائحة كوفيد-19 وتدهور النظام الصحي المنهك أصلاً.
ولبنان كما نعرفه اليوم موجود منذ قرن ونيّف، وقد رأى النور في ظلّ الانتداب الفرنسي إلى أن أصبح في العام 1943 دولةً مستقلة. وهو عضو مؤسس للأمم المتحدة كما أدّى دورًا بارزًا في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ومع ذلك، لا يتمتع جميع الأشخاص في لبنان بالحقوق نفسها في ما يتعلق بنقل الجنسية.
وقد أعلنت رئيسة الهيئة الحكومية المعروفة بالهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، كلودين عون قائلة: “لا تستطيع المرأة اللبنانية التي تتزوج من أجنبي أن تنقل جنسيتها لأطفالها، في حين بإمكان الرجل اللبناني الذي يتزوّج من أجنبية أن يمنح جنسيته لأطفاله.”
وأشارت عون إلى أنّ السبب يعود إلى مبدأَيْن أساسيَّيْن، هما العقلية الذكورية والنظام السياسي الطائفي في لبنان. فهذا النظام يستوعب التنوع الديني في البلاد التي تضمّ ست طوائف مسلمة و12 طائفة مسيحية، من خلال تخصيص المناصب العليا ووظائف الخدمة المدنية على الأساس الطائفي.
لا تتمتّع المرأة بنفس الحقوق التي يتمتّع بها الرجل
تابعت عون قائلة: “لا يتم الاعتراف بالمرأة كمواطنة على قدم المساواة مع الرجل. لقد حققنا بالطبع بعض التقدم في مجال المساواة بين المرأة والرجل، ولكنّ قضية الجنسية لا تزال من المحرمات.”
ويعود سبب ذلك جزئيًا إلى النظام الطائفي، والأحزاب السياسية اليوم أمام طريق مسدود، فما تعتبره المجموعة الأولى تمييزًا، تراه المجموعة الثانية ثقافة.
وأوضحت عون قائلة: “تختار كلّ طائفة الحقوق التي تناسب برنامجها، لذا من الصعب الاعتراف بمساواة المرأة على نطاق واسع. ونحن بحاجة إلى إقناع الناس بأن هذه القضية ليست بقضية نسائية بحتة.”
ثلاثة مشاريع قوانين بشأن المساواة في الحقوق للمرأة مطروحة اليوم أمام البرلمان.
إنّ قضية الجنسية قضيّة حساسة للغاية، ولكنّها أصبحت اليوم مطروحة على طاولة المناقشة، لا سيّما وأن حملة بقيادة مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان معروفة بحملة “المساواة في الجنسية”، المستمرّة منذ عامين، ساهمت في كسر الجمود وسلّطت الضوء جهارًا على هذه القضية المحرّمة مناقشتها.
أوضحت الممثلة الإقليمية لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط رويدا الحاج قائلة: “تصدّرت الاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت في العام 2019، لافتات النساء اللواتي يطالبن بالحق في الجنسية. ما أظهر وعي مجموعات المجتمع المدني بحقوق الإنسان ودعمها لها، وبالتالي يجب إدماجها في جميع السياسات.”
في تطور إيجابي آخر، اعتمدت الحكومة مؤخرًا قانونًا يجرّم التحرش الجنسي، لذلك هناك أمل في استمرار الزخم على الرغم من المشاكل التي تواجه البلاد.