أبدت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب رأيها في اقتراح القانون الوارد من مجلس النواب بتاريخ 31 تموز 2025، والمقدّم من سعادة النائب ملحم رياشي، والرامي إلى استبدال التوقيف الاحتياطي بالسوار الإلكتروني كبديل عن الاحتجاز الفعلي.
ويناقش مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة غداً الخميس اقتراح القانون المذكور. ويأتي هذا النقاش في سياق السعي إلى إصلاح منظومة العدالة الجزائية في لبنان من خلال اعتماد تدابير بديلة عن السجن، تساهم في تخفيف الاكتظاظ في السجون اللبنانية وتحسين ظروف المحتجزين، وتُتيح للقضاء مراقبة فعالة عبر وسائل إلكترونية حديثة تحفظ كرامة الأفراد وتراعي الضوابط القانونية والحقوقية.
إبداء الرأي استناداً إلى القانون رقم 62/2016
انطلاقاً من المادة 15 من القانون رقم 62/2016 المنشئ للهيئة، والتي تخوّلها إبداء الرأي في مشاريع واقتراحات القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان، أعدّت الهيئة رأياً مفصّلاً حول اقتراح القانون بالاستناد إلى منهجية تراعي المعايير الدولية ومبادئ الأمم المتحدة، ولا سيما:
-
قواعد نيلسون مانديلا (2015) التي تؤكد أنّ التوقيف الاحتياطي يجب أن يكون إجراءً استثنائياً وأن تعتمد الدول تدابير بديلة كلما أمكن ذلك.
-
مبادئ مانديز (2023) بشأن استخدام أجهزة إنفاذ القانون، والتي تفرض أن تكون كل تدابير تقييد الحرية خاضعة لرقابة قضائية وتحترم الكرامة الإنسانية.
-
بروتوكول إسطنبول المنقّح (2022) الذي يربط الوقاية من التعذيب بإصلاح العدالة الجزائية وضمان حقوق المحتجزين.
-
قواعد بانكوك (2010) الخاصة بمعاملة النساء السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمخالفات المرتكبة من النساء.
رأي الهيئة: خطوة إصلاحية إذا رُوعيت الضمانات الحقوقية
ترى الهيئة أن اعتماد السوار الإلكتروني يمثل نقلة نوعية في العدالة الجنائية اللبنانية، شريطة أن يُطبّق ضمن إطار قانوني متكامل يضمن الرقابة القضائية والحقوق الأساسية للأفراد.
وأكدت الهيئة ضرورة أن يُصدر قرار استخدام السوار بقرار قضائي معلّل يحدّد مدته وضوابطه، وأن يتمتع الموقوف بحق الاعتراض والطعن، بما يعزز مبدأ المحاكمة العادلة المنصوص عليه في الدستور اللبناني والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
كما شددت الهيئة على أهمية حماية الحق في الخصوصية، وتنظيم جمع البيانات الشخصية ومراقبتها وتخزينها واستخدامها بما يتوافق مع القانون رقم 81/2018 بشأن حماية البيانات الشخصية، لضمان ألا يتحول السوار الإلكتروني إلى وسيلة للمراقبة التعسفية أو انتهاك الحياة الخاصة.
ورأت الهيئة أن نجاح هذه الآلية يتطلب إشراف هيئة مستقلة، مثل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، لضمان احترام المعايير الحقوقية أثناء التنفيذ، إضافةً إلى تأمين الدعم النفسي والاجتماعي للمستفيدين لتسهيل إعادة اندماجهم في المجتمع ومنع الوصم.
توصيات عملية
أوصت الهيئة بما يلي:
-
تأييد مبدئي لاعتماد السوار الإلكتروني كبديل عن التوقيف الاحتياطي لما يمثله من خطوة إصلاحية تتماشى مع التزامات لبنان الدولية.
-
دعوة وزارة العدل إلى إعداد دراسة شاملة تحدد البنية التحتية التقنية والقانونية المطلوبة لتنفيذ النظام بفعالية وأمان.
-
إصدار مرسوم تطبيقي متزامن مع إقرار القانون يحدد بدقة آليات المراقبة القضائية وضمانات الكرامة الإنسانية والخصوصية.
-
ضمان عدم التمييز في تطبيق هذا الإجراء على أي أساس، مع تحديد واضح للجرائم التي يمكن أن يشملها هذا النظام واستبعاد الجرائم الخطيرة.
تؤكد الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب أن مشروع السوار الإلكتروني، إذا أُقرّ في إطارٍ حقوقي متكامل، سيكون تحولاً نوعياً نحو عدالة أكثر إنسانية وفعالية في لبنان، ويعكس التزام الدولة اللبنانية بمبادئ سيادة القانون واحترام الكرامة الإنسانية، والانتقال من مفهوم العقوبة البحتة إلى العدالة الإصلاحية التي توازن بين حماية المجتمع وصون الحقوق الفردية.
هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: English (الإنجليزية)

