spot_img
spot_img

منشورات أخرى

التقرير العالمي عن النساء في السجون – تحليل من الآليات الوطنية للوقاية

(الإنجليزية) This article is also available in: English ساهمت الآليات الوطنية للوقاية...

دعم المؤسسات الوطنية والتعاون الدولي في إطار القرار 31/51 لمجلس حقوق الإنسان

(الإنجليزية) This article is also available in: English يقدّم هذا التقرير عملاً...

الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: وثيقة إرشادية

المقدمة في عام 2023، كان هناك انفجار في الاهتمام بالتطورات...

رصد انتهاكات حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز في لبنان: الحرمان من كل شيء 

(الإنجليزية) This report is also available in: English رصد انتهاكات...

معاناة لبنان في إعادة الإعمار: الطريق الطويل إلى الوطن للنازحين

(الإنجليزية) This article is also available in: English

وفقًا لأحدث أبحاث منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW)، يواجه لبنان تحديًا هائلًا في إعادة بناء بنيته التحتية الحيوية وتسهيل عودة المجتمعات النازحة. عندما يسير مهدي صادق، المسعف من النبطية، في بلدته، يرى أكثر من مجرد أنقاض ومبانٍ مدمرة—يرى الحياة التي ازدهرت يومًا ما في هذه الشوارع، والعائلات التي نزحت الآن، والتحدي الكبير في إعادة الإعمار. منذ الهجمات الإسرائيلية بين أكتوبر 2023 وديسمبر 2024، دُمِّرت مساحات واسعة من البنية التحتية المدنية الحيوية في جنوب لبنان، مما منع عشرات الآلاف من اللبنانيين من العودة إلى منازلهم. حتى لو بقيت بعض المنازل قائمة، فإن غياب المياه والكهرباء والاتصالات والبنية التحتية الصحية يجعل العودة أمرًا مستحيلًا.

تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة، بقيادة رئيس الوزراء نواف سلام والرئيس جوزيف عون، أحد أكبر التحديات في تاريخها: تسهيل عودة ما يقرب من 100,000 نازح، وضمان أن تكون جهود إعادة الإعمار فعالة وشفافة وخالية من الفساد.

مشهد الدمار

خلال الصراع الذي استمر 15 شهرًا، تسببت الغارات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي في مقتل أكثر من 4,000 شخص ونزوح أكثر من مليون شخص في ذروته. تحولت أحياء بأكملها في النبطية وصور وضواحي بيروت الجنوبية إلى مناطق غير صالحة للسكن. ووفقًا لتقييم البنك الدولي في نوفمبر 2024، تُقدر الأضرار الناجمة عن الحرب في الهياكل المادية وحدها بـ3.4 مليار دولار، مع تضرر أو تدمير ما يقرب من 100,000 وحدة سكنية في جميع أنحاء البلاد.

على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر، استمرت الهجمات الإسرائيلية في بعض المناطق، مما أدى إلى مقتل 57 شخصًا على الأقل، بينهم 26 كانوا يحاولون العودة إلى قراهم التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي.

“خلال الأيام الثلاثة الماضية، لم نتمكن من العثور على أي شيء نأكله هنا”، قال صادق. “المتاجر والمطاعم اختفت، البنوك اختفت، محلات البقالة كلها اختفت، جميع الصيدليات اختفت.”

كان لتدمير البنية التحتية المدنية الحيوية، وخاصة شبكات المياه والكهرباء، آثار طويلة الأمد. في صور، أدى قصف إسرائيلي لمحطة تصفية وضخ المياه في 18 نوفمبر إلى قطع المياه عن 72,000 نسمة. ولم تتم استعادة الخدمة إلا في 25 ديسمبر بعد اتخاذ تدابير مؤقتة، لكن المحطة الرئيسية “تحتاج إلى إعادة بناء من الصفر”، وفقًا لكاظم خليفة، المشرف العام على مؤسسة مياه جنوب لبنان.

أزمة التعليم

إلى جانب المساكن والخدمات الأساسية، تأثرت بشدة منظومة التعليم في لبنان، التي تعاني أصلًا من الهشاشة. في النبطية وضواحي بيروت الجنوبية، تعرضت العديد من المدارس لأضرار جسيمة. على سبيل المثال، تعرضت مدرسة “ليسيه دو لا فينيس” لأضرار مباشرة، وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن المباني الشاهقة القريبة منها تحولت إلى أنقاض.

“يجب أن تعطي جهود إعادة الإعمار الأولوية أيضًا للتعليم”، قال علي عوض، مدير المدرسة. “نحتاج إلى تمويل لإعادة تأهيل المدارس، وشراء المعدات، ودعم العائلات التي لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الدراسة.”

مع تأثر أكثر من 16,000 طالب لبناني بإغلاق المدارس وتضرر المنشآت التعليمية، فإن ضمان استمرارية التعليم يمثل أولوية ملحة.

مكافحة الفساد في إعادة الإعمار

في أكتوبر 2024، تعهدت الدول المانحة بتقديم أكثر من 750 مليون دولار كمساعدات إنسانية للبنان، وهو مبلغ كبير لكنه لا يزال بعيدًا عن تغطية حجم الأضرار المقدرة. ونظرًا لتاريخ لبنان في سوء الإدارة والفساد، تزايدت المخاوف بشأن كيفية تخصيص هذه الأموال.

يجب أن تضمن الحكومة اللبنانية الشفافية في توزيع المساعدات من خلال إجراء تقييمات منتظمة لتكاليف الأضرار، ونشر تقارير مفصلة عن تخصيص الأموال والنفقات ونتائج المشاريع. بدون رقابة صارمة، قد يؤدي سوء الإدارة إلى إبطاء جهود إعادة الإعمار وإطالة معاناة المجتمعات النازحة.

الدعوات إلى المساءلة الدولية

دعت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى إلى فتح تحقيق دولي في انتهاكات القانون الدولي أثناء الحرب، وحثت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إنشاء لجنة تحقيق بشأن النزاع الأخير في لبنان وشمال إسرائيل. كما تم حث الحكومة اللبنانية على منح المحكمة الجنائية الدولية صلاحية التحقيق في جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها جميع الأطراف.

إعادة بناء لبنان: سباق مع الزمن

سيستغرق طريق التعافي سنوات، إن لم يكن عقودًا. ووفقًا لتجار في النبطية، سيستغرق الأمر ما لا يقل عن 4-5 سنوات حتى تعود الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها. ولكن بالنسبة للعائلات النازحة التي تنتظر العودة إلى منازلها، فإن كل يوم دون تحرك يبدو وكأنه دهر.

“بدون الحصول على السكن والمياه والكهرباء، لا يزال مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء لبنان يعانون من عواقب الحرب”، قال رمزي قيس، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش. “يجب أن تعطي جهود إعادة الإعمار الأولوية لإعادة بناء البنية التحتية الحيوية واستعادة الخدمات العامة بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة.”

في الوقت الذي يواجه فيه لبنان هذه اللحظة الحاسمة في تاريخه، ستحدد القرارات التي تُتخذ اليوم ما إذا كان شعبه سيتمكن من إعادة بناء حياتهم—أو سيظل محاصرًا في دوامة الدمار والنزوح.

 

NHRCLB
NHRCLBhttps://nhrclb.org
تعمل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في لبنان وفق المعايير الواردة في الدستور اللّبناني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والقوانين اللّبنانية المتفقة مع هذه المعايير. وهي مؤسسة وطنية مستقلة منشأة بموجب القانون 62/ 2016، سنداً لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة (مبادئ باريس) التي ترعى آليات إنشاء وعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. كما تتضمن آلية وقائية وطنية للتعذيب (لجنة الوقاية من التعذيب) عملاً بأحكام البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة الذي انضم اليه لبنان بموجب القانون رقم 12/ 2008.