يحي العالم في الرابع من يونيو من كل عام “اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء”، بهدف الإعتراف بمعاناة الأطفال من ضحايا سوء المعاملة البدنية والعقلية والنفسية، ويؤكد هذا اليوم التزام الأمم المتحدة بحماية حقوق الأطفال وتسترشد في ذلك باتفاقية حقوق الطفل، وهي من أكثر معاهدة من معاهدات حقوق الأنسان الدولية من حيث عدد الدول التي صادقت عليها، والتي صادق عليها لبنان في العام 1990.
في كل يوم، يواجه الأطفال الذين يعيشون في بقاع شتى مزقتها الحروب رعبا لا يُوصف. فهم لا يأمنون على أنفسهم سواءا في بيوتهم أو في الشوارع أو في المدارس أو في المستشفيات. ويواجه الأطفال العالقين بين خطوط نيران الأطراف المتحاربة مستويات صادمة من العنف، حيث يواجهون مخاطر القتل والإصابات والاختطاف والعنف الجنسي والهجمات على المرافق التعليمية والصحية فضلا عن الحرمان من المساعدة الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها.
وللأمين العام للأمم المتحدة تقرير سنوي حول الأطفال والنزاع المسلح يسلط فيه الضوء على مستويات العنف ضد الأطفال في الحروب. في أحدث نسخة من التقرير أفاد أنه في عام 2022 قتل أو ُشوِه أكثر من 8630 طفل، وجنِد واستخدم 7622 طفل، واخُتطف 3985 طفل، ووقع 1166 طفل ضحايا للعنف الجنسي، وُرصدت 3931 حادثة منع وصول المساعدات الإنسانية. إحصائيات ضحايا العدوان من الأطفال لعام 2023 ستكون مفزعة أكثر بسبب جريمة الأبادة التي ترتكبها قوات الإحتلال الإسرائيلي في غزة منذ أكتوبر من العام الماضي والمترافقات مع اعتداءات كثيفة ومتكررة في العديد من المناطق اللبنانية لا سيبما الجنوب والبقاع.
قال الأمن العام للأمم المتحدة في شهر نوفمبر من العام الماضي، وبعد تقريبا اربيعن يوما من بدء العدوان على غزة أن عدد األطفال الذين قُتلوا في العدوان على غزة، يفوق أي رقم سجلته تقاريره السنوية عن الأطفال والصراعات المسلحة خلال السنوات السبع الماضية. في شهر نيسان/ أبريل الماضي، وبعد مرور مائتي يوم على بدء العدوان بلغ عدد القتلى من الأطفال 15,780 وأصيب ما يقارب عن 80 ألف فلسطيني %70 من الأطفال والنساء، وفقا لتقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
انتهاكات القانون الدولي الانساني مستمرة منذ 7 تشرين الأول
يسلط التقرير السنوي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب للعام 2023 الضوء على حقوق الطفل في لبنان. حيث لا يزال الأطفال في لبنان ضحايا الفقر، والزواج المبكر، والاعتداء والاستغلال الجنسي، وعمالة الأطفال. فيما النساء في لبنان لا تزلن ضحايا قوانين الأحوال الشخصية، إضافة إلى انعدام قدرتهن على منح الجنسية لأطفالها. أما على صعيد انتهاكات القانون الدولي الانساني فان اثار العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان كارثية على أصعدٍ مختلفة، وخلف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وسببت في قتل وجرح عشرات الإطفال وهددت الحق بالحياة واستهدفت المدنيين والصحافيين، والمنازل المدنية، ودمرت البنى التحتية، وقوضت الحق بالتعليم، الصحة، السكن اللائق وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. في كانون الثّاني 2023، قالت منظمة Save the Children أن الوضع المتردي في لبنان يعني أن عدد الأطفال الذين يتعاملون مع مستويات “الأزمة” من الجوع قد يرتفع بنسبة 14 في المائة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة. في 9 حزيران 2023 أصدرت اليونيسيف بياناً مشتركاً مع وزير الصحّة العامّة في لبنان د.فراس أبيض حثّت فيه على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع الفقر الغذائي لدى الأطفال والذي يلقي بظلاله على مستقبل الأطفال في لبنان. وكانت اليونيسيف في شباط 2023 قد كرّرت دق ناقوس الخطر بشأن أزمة التّعليم حيث تزداد معدلّات زواج الأطفال، والاعتداء والاستغلال الجنسي، وعمل الأطفال، عند إغلاق المدارس. فبحسب اليونيسيف، الانقطاع عن التعليم له تأثير مدمر على مستقبل ورفاه الأطفال والشباب وأسرهم من جهة، وعلى ازدهار لبنان من جهة أخرى. حيث تشير دراسة أوّلية للبنك الدولي إلى أن خسارة سنة دراسية ستُترجم إلى خسائر في الاقتصاد اللبناني تصل إلى ما بين 400-500 مليون دولار أمريكي طوال الحياة العملية المستقبلية للطلاب المتضررين. وأفادت اليونيسف عن ارتفاع “مؤلم” في أشكال مختلفة من إساءة معاملة الأطفال، بما في ذلك الإهمال والاعتداء الجسدي والجنسي والتخلي عن الأطفال في لبنان، بسبب تأثير الأزمة المالية على الأسر.
مجزرة بحق الاطفال في النبطية
ولا تزال الاعتداءات الاسرائيلية التي تطال الاطفال مستمرة ضد لبنان وصباح يوم الخميس 15 شباط/فبراير، أعلنت الوكالة الوطنية للاعلام، ارتفاع عدد قتلى الغارة الإسرائيلية على شقة في مدينة النبطية إلى 7. وكان لبنان قدم منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عدة شكاوى إلى مجلس الأمن الدولي اتهمت خلالها إسرائيل بخرق القرار 1701. لكن هذه الشكاوى لم تسلك اي مسار قانوني مجدي. وشنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية على جنوب لبنان أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل، من بينهم امرأة وطفليها وأربعة أفراد عائلة أخرى، كما أصيب تسعة أشخاص آخرين بجروح. واستهدفت الغارات الإسرائيلية، بلدات النبطية والصوانة وعدشيت، وكان المشهد دام في النبطية، حيث أفادت وسائل إعلام لبنانية أن الغارة الإسرائيلية دمرت مبنى سكنيا بواسطة صاروخ موجه من طائرة مسيرة، وأن أكبر عدد للضحايا سجل في عائلة برجاوي، ونشر على منصة “أكس” شريط مصور للطفل حسين على عامر وهو يتم انتشاله من تحت أنقاض البيت المدمر.
بيانات مقلقة
يسلط تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السنوي حول الأطفال والنزاع المسلح الضوء على أنه في عام 2022 وحده:
- قُتل أو شُوِه أكثر من 8630 طفل
وذلك بزيادة قدرها 5٪ مقارنة بعام 2021. وكان استخدام الذخائر المتفجرة، بما في ذلك مخلفات الحرب المتفجرة والأجهزة المتفجرة البدائية والألغام الأرضية مسؤولاً عن أكثر من 25٪ من حالات قتل وتشويه الأطفال. - جُنِد واسْْتُخدم 7622 طفل
85٪ من الأطفال المجندين والمستخدمين كانوا من الذكور. تتحدد مخاطر تجنيد الطفل وكيفية استغلالهم والانتهاكات التي يتعرضون لها بشكل رئيسي بعوامل مثل الجنس والعمر والإعاقة والعرق والدين والموقع الجغرافي والوضع الاقتصادي. - اختُطف 3985 طفل
وقعت أكبر عدد من حالات اختطاف الأطفال في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الصومال، بوركينا فاسو، ميانمار، وموزمبيق. - وقع 1166 طفل ضحايا للعنف الجنسي
العنف الجنسي في النزاعات هو أكثر الانتهاكات الجسيمة التي لا يتم الإبلاغ عنها بالنسبة للفتيات والفتيان على حد سواء بسبب الوصمة ونقص الحماية القانونية. اُرْتُكِب 99٪ من العنف الجنسي ضد الفتيات، اللاتي يتأثرن بشكل غير متناسب بالعنف الجنسي والزواج القسري. كما يقع الأولاد ضحايا للعنف الجنسي أو يعانون من الصدمة الثانوية من جراء إجبارهم على مشاهدة العنف الجنسي ضد أفراد العائلة. - 3931 حادثة منع وصول المساعدات الإنسانية
تتأثر أكثر الحالات في إسرائيل ودولة فلسطين واليمن وأفغانستان ومالي وبوركينا فاسو. - 1846 حادثة في المدارس والمستشفيات
تم التحقق من 1846 حادثة وبين جميع الانتهاكات الجسيمة، أظهر عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات زيادة حادة بنسبة زيادة تجاوزت 110٪. وقد تم تأكيد زيادة كبيرة (60٪) في استخدام المدارس والمستشفيات لأغراض عسكرية من قبل القوات المسلحة والجماعات المسلحة.
المصدر: ملخص تقرير الأمين العام حول الأطفال والنزاع المسلح. نُشر عام 2023
إن إنهاء ومنع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال هو جوهر التفويض المعني بالأطفال والنزاع المسلح. إن أكثر الطرق فعالية لحماية الأطفال من النزاعات هي القضاء على العوامل التي تدفعهم وتجذبهم نحو المشاركة في النزاع المسلحة