نظّمت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب في لبنان، بالشراكة مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، وبدعم من الأمانة العامة للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لقاءً تشاورياً مع منظمات المجتمع المدني اللبناني، وذلك يوم الثلاثاء 29 تموز/يوليو 2025، في قاعة الاجتماعات بفندق فينيسيا – بيروت.
جاء هذا اللقاء في إطار تعزيز الحوار والتنسيق بين الجهات الوطنية الفاعلة في مجال حقوق الإنسان، وضمن مسار الشراكة الإقليمية لتطوير آليات الحماية الوطنية، بمشاركة ممثلين وممثلات عن 57 منظمة وهيئة وجمعية حقوقية وأهلية واجتماعية تعنى بحقوق الإنسان في لبنان.
حضر اللقاء الدكتور فادي جرجس، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، سلطان بن حسن الجمالي، الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر والأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، القاضي خليل أبو رجيلي – رئيس لجنة الوقاية من التعذيب ونائب رئيس الهيئة، علي يوسف – أمين الصندوق ومفوّض الشكاوى، بسام القنطار – مفوّض العلاقات الدوليّة ومفوّض الإعلام والمعلوماتيّة، البروفيسور فضل ضاهر – مفوّض الدراسات والرصد ومفوّض التربية والتطوير، السيدة رضى عازار – عضو لجنة الوقاية من التعذيب.
كلمات رئيسية
افتتح اللقاء الدكتور فادي جرجس، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، بكلمة أكد فيها أهمية تكريس التعاون البنّاء مع المجتمع المدني كرافعة أساسية لحماية الحقوق وتعزيز المساءلة في لبنان، داعياً إلى مواصلة العمل التشاركي لمواجهة التحديات الراهنة.
وألقى السيد سلطان بن حسن الجمالي، الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر والأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، كلمة أثنى فيها على الجهود المبذولة على المستوى اللبناني، مؤكداً التزام الشبكة العربية بدعم المبادرات الوطنية والإقليمية الساعية إلى ترسيخ منظومة حقوق الإنسان.
وقدّم السيد بسام القنطار، مفوض العلاقات الدولية والإعلام في الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، عرضاً مفصلاً تناول فيه محاور اللقاء، وأبرز الأنشطة التي تضطلع بها الهيئة، وعلى رأسها حملة المناصرة الهادفة إلى إقرار المراسيم التنظيمية، وتحضيرات الهيئة للمشاركة الفاعلة في الاستعراض الدوري الشامل لعام 2026، ومساعي الانضمام إلى الائتلاف العالمي للمؤسسات الوطنية المستقلة (GANHRI)، يجب على المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تقديم طلب رسمي إلى الأمانة العامة للائتلاف ﺿﻣن اﻟﻔﺋﺔ “ألف”.
تناول اللقاء عدة محاور جوهرية تمس واقع حقوق الإنسان في لبنان، وسلط الضوء على أبرز التحديات والفرص المتاحة في سبيل تعزيز الحقوق والحريات، كما سعى إلى توطيد التعاون بين الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني، من خلال مناقشة محاور أربعة أساسية:
أولاً: حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
ناقش المشاركون الصعوبات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في لبنان، لا سيما في ظل غياب بنى داعمة وتطبيق فعّال للاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي وقّعها لبنان في 14 حزيران 2007 وصادق عليها في 5 حزيران من العام نفسه. وتم التأكيد على ضرورة:
-
إنشاء آلية وطنية مستقلة لرصد تنفيذ الاتفاقية وفقاً للمادة 33.
-
تفعيل سبل التعاون مع لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأمم المتحدة، وتمكين الأفراد والمجموعات من تقديم البلاغات الفردية بشأن الانتهاكات.
-
تعزيز التنسيق بين الهيئة والجمعيات المتخصصة لضمان تكاملية الجهود.
ثانياً: الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
ركز النقاش على التحديات المتزايدة في لبنان في ما يتعلق بالحق في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي، وحرية التعبير، والحق في المحاكمة العادلة، إضافة إلى الأوضاع المتدهورة في مجالات العمل، والتعليم، والصحة، والسكن، والحماية الاجتماعية. كما جرى التأكيد على:
-
أهمية توحيد الجهود مع منظمات المجتمع المدني في إطار التحضير للاستعراض الدوري الشامل (UPR) في كانون الثاني/يناير 2026.
-
ضرورة تطوير آليات المتابعة والمناصرة المشتركة لتعزيز الامتثال للالتزامات الدولية.
ثالثاً: المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة
ناقش المشاركون التحديات البنيوية والاجتماعية التي تواجه النساء والفتيات في لبنان، والتي تؤثر على قدرتهن على التمتع بحقوقهن الكاملة. وتم التأكيد على:
-
تعزيز التعاون بين الهيئة الوطنية والجمعيات النسوية، وتكامل الأدوار في الحماية والدفاع عن حقوق المرأة.
-
وضع خطة وطنية لإلغاء جميع القوانين التمييزية، واعتماد سياسات لحماية النساء من العنف الأسري والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
-
ضمان الدعم القانوني والاجتماعي والنفسي للضحايا، وتوفير آليات مساءلة فعالة.
رابعاً: حقوق الطفل
تطرّق اللقاء إلى واقع الأطفال في لبنان، ولا سيما ما يتعلق بتسجيل المواليد، وموقع الأطفال ضمن النظام القضائي، وأوضاع الأطفال في الشوارع، والعنف، والرعاية الصحية. وشدد المشاركون على:
-
أهمية تفعيل التعاون بين الهيئة والجمعيات المعنية بحقوق الطفل لضمان التطبيق الكامل لاتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها الاختيارية.
-
دعم جهود المناصرة بشأن البروتوكول الاختياري الجديد المتعلق بالحق في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي والثانوي المجاني.
عريضة المجتمع المدني
من أجل تفعيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وضمان استقلاليتها
في ختام اللقاء، أصدرت منظمات المجتمع المدني المشاركة عريضة حقوقية جامعة، نصّت على ما يلي:
عريضة من منظمات المجتمع المدني
من أجل تفعيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب وضمان استقلاليتها
نحن، الهيئات الأهلية المشاركة في الاجتماع،
وإذ نستند إلى مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ونُشير إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من الصكوك الدولية ذات الصلة،
وإذ نستند إلى مقدمة الدستور اللبناني التي تؤكد التزام الدولة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعمل على تجسيد مبادئه، والتي تنصّ على أن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها من الركائز الدستورية الأساسية في لبنان،
وإذ نُذكّر بجميع القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان بشأن المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان،
وإذ نؤكد ما ورد في إعلان وبرنامج عمل فيينا بشأن الدور المحوري والبنّاء الذي تضطلع به المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لا سيّما من حيث تقديم المشورة للسلطات المختصة، والمساهمة في منع الانتهاكات وتقديم سبل الانتصاف للضحايا، ونشر المعرفة والتثقيف في مجال حقوق الإنسان،
وإذ نسترشد بالمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان (مبادئ باريس)، وبدور التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان،
وإذ نُشدد على أهمية دعم إنشاء وتعزيز مؤسسات وطنية تتسم بالاستقلالية والتعددية بما يتوافق مع مبادئ باريس، باعتبار أن وجود مؤسسات وطنية مستقلة يشكل مؤشراً هاماً على التقدّم نحو تحقيق الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة،
وإذ نُعيد التأكيد على الدور المحوري الذي تضطلع به الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب في حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في لبنان، وفي تعزيز المشاركة العامة، خصوصاً مشاركة منظمات المجتمع المدني، وفي دعم سيادة القانون ونشر الوعي وتعزيز الثقافة الحقوقية،
وإذ نُرحب بالجهود الرامية إلى دعم الهيئة الوطنية، لاسيما عبر الشراكة الثلاثية بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية، ونشجّع على استمرار هذا التعاون مع آليات الأمم المتحدة المختلفة،
وإذ نؤكد أهمية أن يبقى صوت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب مستقلاً وفعّالاً في تعزيز وحماية كافة الحقوق، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق المدنية والسياسية، ولا سيّما في سياق تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030،
فإننا نُعلن ما يلي:
1. نرحب بانعقاد اللقاءات التشاورية بين الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وسائر الأطراف المعنية، ولا سيّما منظمات المجتمع المدني العاملة في لبنان، ونؤكد أهمية توسيع التعاون وتنسيق الجهود في مختلف المجالات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان والوقاية من التعذيب. كما نشدد على ضرورة الشراكة الدائمة مع المنظمات غير الحكومية الناشطة في مجالات حقوق الإنسان، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومكافحة العنصرية، وحماية الفئات المهمشة والمعرّضة للتمييز، والتخصصات المتصلة بذلك، بما يضمن تبادل أفضل الممارسات وتعزيز دور الهيئة كحلقة وصل بين المجتمع المدني والدولة.
2. ندعو الحكومة اللبنانية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة، دون أي تأخير أو مماطلة، في تفعيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب، وذلك من خلال إصدار جميع المراسيم التنظيمية العالقة، وفي مقدمتها النظامان الداخلي والمالي، وتحديد مخصّصات الأعضاء، بما يضمن استقلالية الهيئة عن أي جهة تنفيذية، وقدرتها الفعلية على أداء ولايتها المتمثلة في حماية حقوق الإنسان وفقًا لما نص عليه إعلان وبرنامج عمل فيينا، ومبادئ باريس ذات الصلة.
3. نؤكد على وجوب صون الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وأعضائها، والعاملين معها، والمتعاونين معها، من أي شكل من أشكال الترهيب أو الانتقام أو الضغط السياسي أو الملاحقة غير العادلة، ونُذكر بأن قانون إنشاء الهيئة يكرّس مبدأ الحصانة لأعضائها. كما نهيب بالسلطات القضائية المختصة أن تبادر إلى التحقيق الفوري والجاد في أي شكاوى أو إخبارات تتقدم بها الهيئة، وأن تُحاسب الجناة وتُحيلهم إلى العدالة وفق الأصول.
هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)