يُخصص اليوم العالمي لحرية الصحافة في هذا العام لموضوع أهمية الصحافة وحرية التعبير في سياق الأزمة البيئية العالمية الحالية. إن الوعي بجميع جوانب الأزمة البيئية العالمية وعواقبها هو أمر ضروري لبناء مجتمعات ديمقراطية. والعمل الصحفي لا غنى عنه لتحقيق هذا الغرض.
ويواجه الصحفيون تحديات كبيرة في البحث عن المعلومات بشأن القضايا المعاصرة ونشرها، من مثل مشاكل سلاسل التوريد، أو الهجرة المناخية، أو الصناعات الاستخراجية، أو التعدين غير القانوني، أو التلوث، أو الصيد غير المشروع، أو الاتجار بالحيوانات، أو إزالة الغابات، أو تغير المناخ. إن ضمان وضوح هذه القضايا هو أمر مهم جدا لتعزيز السلام والقيم الديمقراطية في كافة أنحاء العالم.
وفي سياق الأزمة الكوكبية الثلاثية التي يواجهها العالم —تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وتلوث الهواء— فإن حملات التضليل/التضليل تتحدى المعرفة وأساليب البحث العلمي. تشكل الهجمات على صحة العلم تهديدًا خطيرًا للمناقشة العامة التعددية والمستنيرة. والواقع أن المعلومات المضللة والكاذبة حول تغير المناخ من الممكن أن تؤدي في بعض الحالات إلى تقويض الجهود الدولية الرامية إلى التصدي لها.
وقد تؤدي المعلومات الخاطئة أو المضللة بشأن القضايا البيئية إلى نقص الدعم العام والسياسي للعمل المناخي، والسياسات الفعالة، وحماية المجتمعات الضعيفة المتضررة من تغير المناخ، فضلا عن النساء والفتيات، حيث يُفاقم تغير المناخ التحديات الحالية.
ولتحقيق التنمية المستدامة، من الضروري أن يقدم الصحفيون تقارير دقيقة وفي الوقت المناسب وشاملة عن القضايا البيئية وعواقبها، وكذلك عن الحلول الممكنة.
ولذا، فإن هذا الأمر يتطلب استراتيجية شاملة تتضمن:
- الوقاية والحماية من الجرائم المرتكبة ضدا على الصحفيين.
- ضمان الحق في حرية التعبير، وحرية البحث العلمي، والوصول إلى المصادر الرئيسة للمعلومات، فضلا عن مكافحة المعلومات الخاطئة أو المضللة من طريق الصحافة.
- تعزيز التعددية والتنوع واستمرارية وسائل الإعلام، وبخاصة وسائل الإعلام الإقليمية والمحلية والمجتمعية.
- التأكد من أن حوكمة المنصات الرقمية تعزز شفافية شركات التكنولوجيا، ومساءلتها، وإيلائها العناية الواجبة، وتمكين المستخدمين، والإشراف على المحتوى وتنظيمه بناءً على المعايير الدولية لحقوق الإنسان، كما هو مبين في مبادئ يونسكو التوجيهية لحوكمة المنصات الرقمية.
- تعزيز برامج التربية الإعلامية والمعلوماتية لتمكين المستخدمين من المهارات اللازمة للمشاركة والتفكير النقدي في البيئة الرقمية.
حرية التعبير في لبنان
تكثّف استخدام نصوص تجريم القدح والذم لمعاقبة الصحفيين والناشطين الذين ينتقدون الفساد والأحزاب وذوي النفوذ. تُنفّذ تلك الإجراءات بعد شكاوى من مسؤولين حكوميين أو قادة الأحزاب السياسية أو مديري البنوك والمؤسسات الدينية. بحسب ما ورد في التقرير السنوي للهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لحنة الوقاية من التعذيب للعام 2023 . لا يعكس قانون العقوبات الذي صدر في عام 1943 التطوّر في فهم الحقوق والحريات، إذ جاء قبل إعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي فترة بعيدة عن التقدم التكنولوجي والواقع الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي. أما فيما يخص محكمة المطبوعات التي تأسست عام 1962 وهي محكمة جزائية، فهي تستند إلى قانون المطبوعات الذي يختص بتوصيف الجرائم المتعلقة بما يتم نشره عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية من الصحافيين والإعلاميين، دون ذكر منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يخلق فراغ تشريعي في التعامل مع المساحات الرقمية، ويمنح الجهات الرسمية وبعض النيابات العامة مساحة كبيرة لاستخدام نصوص القانون ضد الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تعد النيابات العامة والقوى الأمنية من بين أكثر الجّهات الرّسمية التي تنخرط في ممارسات تنتهك الحق في حرية الرأي والتعبير، ويجري ذلك عادة من خلال مكتب الجرائم المعلوماتيّة، الملحق بقسم المباحث الجنائية الخاصة في وحدة الشرطة القضائية لدى قوى الأمن الداخلي. اللافت هو أن هذا المكتب أنشئ من دون إجراء أي تعديل قانوني في هيكلية نظام قوى الأمن الداخلي. كما أنّ لديه صلاحيات لاختراق للمساحات الرقمية وتعقب صفحات التواصل الاجتماعي بالتعاون مع مخبرين إلكترونيين مراقبة ومعاقبة الناشطين الذين يعبرون عن آرائهم حول نشاط الدولة وأجهزتها ومن يديرونها. وبذلك، يضغط المكتب على الناشطين والصحافيين الذين يعبرون عن آرائهم من خلال الاستدعاءات والاحتجازات بناءً على إشارات النيابة العامَّة. كما يواجه صحافيون وناشطون دعاوى قدح وذم على خلفية عملهم الصحافي، وتُنظر تلك الدعاوى أمام المحاكم العادية، والمحاكم العسكرية في بعض الأحيان، ما يتناقض مع قانون المطبوعات الذي يفرض تحويل القضايا ذات الصلة بالإعلام والإعلاميين إلى محكمة المطبوعات حصرًا. وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت، بمناسبة إطلاق حملتها الجديدة #رأيي_مش_جريمة البرلمان اللبناني بإلغاء جميع القوانين التي تجرّم التحقير والقدح والذم، إنّه على السلطات اللبنانية أن توقف فورًا ملاحقة الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء وغيرهم ممن ينتقدون أصحاب السّلطة والنفوذ.
استخدمت السلطات على نحو متزايد قوانين التحقير والقدح والذم الجزائية لخنق الأصوات المنتقدة، والانتقام من منتقديها، أو مضايقتهم، أو ترهيبهم. وثّقت عدد من المنظمات غير الحكومية حالات 10 صحفيين، ونقابيين، ونشطاء استُدعوا للاستجواب بموجب دعاوى التحقير والقدح والذم التي رفعها ضدهم أشخاص من ذوي النفوذ بسبب انتقاداتهم. وتقاعست الأجهزة الأمنية والعسكرية التي استدعت أولئك المستهدفين واستجوبتهم عن حماية حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة، وانخرطت في سلوك تخويفي، كتهديد الأفراد بالاحتجاز أو الضغط عليهم لتوقيع تعهدات يذكرون فيها أنهم سيتوقفون عن انتقاد مقدِم الشكوى. وترد النصوص المتعلقة بالتحقير والقدح والذم في قانون العقوبات، وقانون المطبوعات، وقانون القضاء العسكري، ويُعاقَب عليها بالحبس مدة تصل إلى ثلاث سنوات.
شهداء الصحافة في لبنان
في لبنان قُتل خلال العام 2023 ثلاثة صحفيين لبنانيين أثناء تغطيتهم للأعمال العدائية لقوات الاحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان. ففي 13 أكتوبر/تشرين الأول، أدت قذائف المدفعية الإسرائيلية التي أُطلقت على جنوب لبنان إلى مقتل الصحفي عصام عبد الله، الذي كان يعمل في وكالة “رويترز”، وإصابة ستة صحفيين آخرين. وقد تحققت منظمة العفو الدولية من صحة ما يزيد على 100 مقطع فيديو وصورة، وحلّلت شظايا الأسلحة التي أُخذت من الموقع، وأجرت مقابلات مع تسعة شهود. وتشير النتائج إلى أنه كان واضحًا أنّ المجموعة تضم صحفيين، وأن الجيش الإسرائيلي عرف أو كان يجب أن يعرف أنهم مدنيون، ومع ذلك هاجمهم بغارتين فصلت بينهما 37 ثانية. وقد خلُصت منظمة العفو الدولية إلى أنه من المرجح أن تكون كلتا الغارتين هجومًا مباشرًا على مدنيين يجب التحقيق فيه كجريمة حرب. وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني، قُتلت المراسلة فرح عمر والمصور ربيع المعماري من محطة تلفزيون الميادين، ومرافقهما المواطن حسين عقيل في غارة على قرية طير حرفا بقضاء صور.
المنشأ والهدف
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة في كانون الأول/ ديسمبر 1993، بناء على توصية من المؤتمر العام ليونسكو. ومنذ ذلك الحين يُحتفل بالذكرى السنوية لإعلان ويندهوك في جميع أنحاء العالم في 3 أيار/مايو باعتباره اليوم العالمي لحرية الصحافة.
ويعود تاريخ اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى مؤتمر عقدته يونسكو في ويندهوك في عام 1991. وكان المؤتمر قد عُقد في الثالث من أيار/مايو باعتماد إعلان ويندهوك التاريخي لتطوير صحافة حرّة ومستقلّة وتعدديّة. وبعد مرور ثلاثين سنة على اعتماد هذا الإعلان، لا تزال العلاقة التاريخية بين حريّة التقصّي عن المعلومات ونقلها وتلقيها من جهة، وبين المنفعة العامة، من جهة أخرى،تحظى بذات القدر من الأهمية. وسوف تقام سلسلة من الاحتفالات لإحياء الذكرى الثلاثين لاعتماد الإعلان خلال المؤتمر الدولي لليوم العالمي لحرية الصحافة.
ان يوم 3 أيار/مايو بمثابة تذكير للحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، وكما أنه يوم للتأمل بين الإعلاميين حول قضايا حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة. وإنها فرصة لـ :
- الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة
- تقييم حالة حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم
- الدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها
- نحيي الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم في أداء واجباتهم
دليل عملي للصحفيين في المناطق المعرضة للخطر
يهدف دليل السلامة الذي أصدرته يونسكو باقتراح من منظمة مراسلون بلا حدود إلى إتاحة معايير وأساليب محددة عملية لجميع الذين يواجها قناصا لحرية الصحافية في زاوية شارع أو على طريق معزول. ويشكل هذا الدليل قدرا كبيرا من المعارف والخبرات المكتسبة على مر السنين من الصحفيين ووسائل الإعلام ومنظمات الدفاع عن حرية التعبير. ومن خلال جمع وتوليف هذه الممارسات الجيدة الآتية من عدة جهات فاعلة، يجسد هذا الدليل رغبة الشركاء للعمل معا بطريقة أكثر تنسيقا واتحاد بغية تعزيز سلامة الصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب.
الوثائق الرئيسية
- تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان [للدورات 94 و 95 و 96] A/64/40(المجلد الأول)
- تقرير الأمين العام بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب A/74/314
- قرار يونسكو بشأن تعزيز حرية الصحافة
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- إعلان ويندهوك: ملف نصي | نسخة للطباعة
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
- لجنة الأمم المتحدة للإعلام
- إعلان صنعاء: تعزيز استقلال وتعددية وسائل الإعلام العربية
- احترام حرية التعبير واحترام العقائد، والقيم المقدية، والرموز الدينية والثقافية البند 46 و البند 23
- تعديلا على نظام جائزة اليونسكو – غيليرمو كانو العالمية لحرية الصحافة
- منهاج نموذجي لتدريس الصحافة
- دليل بناء قدرات الإعلاميين العرب
موارد ذات صلة من مفوضية حقوق الإنسان
- لمحة إلى سلامة الصحفيين وحقوق الإنسان
- تقرير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان حول سلامة الصحفيين
- الصكوك القانونية الأساسية ذات الصلة بحقوق الإنسان
- الصكوك العالمية ذات الصلة بحقوق الإنسان