لا تزال الألغام ومخلفات الحرب القابلة للانفجار والأجهزة المتفجرة المرتجلة تتسبب في الوفيات والإصابات، خاصة في حالات النزاع المسلح. ففي كل ساعة يُقتل أو يُصاب شخص واحد بسبب هذه الأجهزة المتفجرة، وتسبب في وقوع العديد من الأطفال ضحايا لها، وترويع المدنيين وتهديد الجهات الفاعلة الإنسانية وبعثات الأمم المتحدة وموظفيها.
وفي وقت تدعو فيه الأمم المتحدة إلى زيادة الوعي باحتياجات وحقوق جميع الأشخاص ذوي الإعاقة في بيئات النزاع وبناء السلام، يمر الاحتفال بهذا اليوم في العام 2024 في وقت تستمر انتهاكات قوات الاحتلال الاسرائيلي للقانون الدولي الانساني في لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة في ظل جرائم الابادة والفصل العنصري التي تمارس ضد المدنيين في غزة.
دور الهيئة الوطنية لحقوق الانسان في رصد انتهاكات القانون الدولي الانساني التي تسببها الألغام
تعمل لجنة القانون الدولي الإنساني في الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان على ضمان احترام جميع اتفاقيّات وبروتوكولات القانون الدولي الإنساني والقواعد العرفية ذات الصلة، التي لبنان طرف فيها، مصدّقاً أو منضمّاً. تتولّى هذه اللجنة بصورة خاصة المهامّ التالية وعلى سبيل المثال لا الحصر: أ- رصد وتوثيق انتهاكات القانون الدولي الإنساني طيلة فترات النزاع المسلح ومتابعتها بجميع الوسائل المتاحة لوضع حدّ للإفلات من العقاب. ب- إبداء الرأي في النصوص الاشتراعيّة والإداريّة لمواءمة القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية وتلك التي يستدعيها إنفاذه بما يأتلف مع النصوص الاشتراعيّة اللبنانيّة. ج – وضع خطة عمل سنويّة تتناول الإجراءات والتدابير التي تراها ضروريّة ومناسبة لتعميم القانون الدولي الإنساني والتعريف بآلياته التنفيذية. د – تقديم التوصيات للسلطات كافة لحسن تطبيق النصوص الاشتراعيّة والإداريّة ذات الصلة. ه- نشر ثقافة القانون الدولي الإنساني بالتعاون مع الوزارات، والإدارات والمؤسّسات العامّة، والجامعات والكليّات والمدارس، وهيئات المجتمع المدني. و- تبادل المعلومات والخبرات مع الاتحادات والجمعيات والمنظمات الإنسانيّة وهيئات المجتمع المدني ذات الصلة بالقانون الدولي الإنساني، وتوثيق العلاقات باللجان المماثلة في المؤسّسات الوطنية لحقوق الإنسان في الدول الأعضاء في التحالف العالمي للمؤسّسات الوطنيّة لحقوق الإنسان.
الألغام وانتهاكات القانون الدولي الانساني في لبنان
توثق الهيئة انتهاكات للقانون الدولي الإنساني من خلال استمرار وجود تلوث للذخائر غير المنفجرة وألغام أرضية والقنابل العنقودية وغيرها من المتفجرات العسكرية. وفي حين أن التلوث لا يوفر أي منطقة، فقد تأثرت المناطق الجنوبية والبقاعية بشكل خاص في أعقاب الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006. وفي العقد الأخير بدأت أجزاء كبيرة من الأراضي في الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا تشهد زيادة في الألغام الأرضية والمخلفات المتفجرة، على ضوء الحرب ضدّ الجماعات الإرهابية. تعتبر الهيئة بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهكت مبدأ التناسب المنصوص عنه في القانون الدولي والالتزام الذي يقضي بتقليل الآثار العشوائية للألغام والقنابل العنقودية والمتفجرات الأخرى. ومن خلال عدم إزالة هذه الذخائر وتسليم خرائطها، تكون قوات الاحتلال الاسرائيلي انتهكت أيضاً الحق في الحياة.
منذ العام 1975، حصدت مخلفات الحرب من ألغام وذخائر غير منفجرة ما يزيد عن اربعة آلاف قتيلا أو جريحا في لبنان. وبلغت الإصابات ذروتها عام 2006. قتل وجرح عام 2022، ما يزيد عن ثمانية أشخاص جراء انفجار ألغام وقنابل عنقودية. في 30 كانون الأول 2022 انفجر لغم مضاد للآليات، بجرار زراعي في مشروع زراعي في خراج بلدة الوزاني، ادى الى مقتل سائق الجرار وهو من الجنسية السورية. في 08 تشرين الأول 2022 جرح شخص بانفجار لغم أرضي في عرب الموالي – جرود السلسلة الشرقية. وفي 15 تشرين الثاني 2022 انفجرت قنبلة عنقودية بقطيع من الماشية في وادي الحجير. وفي 23 حزيران 2022 اندلع حريق جراء انفجار لغم من مخلفات قوات الاحتلال الاسرائيلي في خراج بلدة ميس الجبل. وفي 25 أيار 2022 سجل إصابة شخص بجروح جراء انفجار لغم ارضي في جرود عرسال. وفي 06 نيسان 2022 انفجرت قنبلة عنقودية من مخلفات الاحتلال الاسرائيلي بقطيع من الماشية في خراج حولا. وفي 24 آذار 2022 إصيب شخص بلغم أرضي عند أحد المعابر في وادي خالد. وفي 18 شباط 2022 قتل شخص وجرح آخر في انفجار لغم ارضي في جرود بلدة رأس بعلبك. وفي 30 كانون الثاني 2022 انفجرت قنبلة عنقودية من مخلفات الاحتلال الاسرائيلي قرب أحد الأشخاص في محمية وادي الحجير من دون إصابته بأي أضرار، وفي 22 كانون الثاني 2022 إنفجر لغم أرضي بمواطن في عيتا الشعب أدى إلى بتر قدمه.
خطر الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة بالنسبة للأطفال
يتفاقم خطر الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة بالنسبة للأطفال، الذين يثير اهتمامهم تصاميمهم الملونة والغريبة في بعض الأحيان. تنتهك الألغام الأرضية التي لم يتم إزالتها والذخائر غير المنفجرة جميع مواد اتفاقية حقوق الطفل تقريبًا: حق الطفل في الحياة ، وفي بيئة آمنة يمكن فيها اللعب، والصحة، والمياه النظيفة ، والظروف الصحية والتعليم المناسب.
توصيات الهيئة الى الحكومة اللبنانية
تدعو الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدولة اللبنانية لتعزيز إنشاء وتنمية القدرات الوطنية للأعمال المتعلقة بالألغام، وتحذر من انعكاس الأزمة الاقتصادية على الجهود المتعلقة بالتوعية من مخاطر الألغام والمساعدة في الإجراءات المتعلقة بالألغام، ما قد يؤخر من أعمال التطهير الكامل لجميع الأراضي اللبنانية خلال مهلة أقصاها العام 2040. كما تدعو الهيئة إلى التقيد بالإرشادات الصادرة عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه لجهة عدم الاقتراب من الأماكن المشبوهة، التزام إشارات التحذير وعدم نزعها أو محاولة دخول البقع المسيجة، عدم لمس الألغام والقنابل العنقودية والأجسام المشبوهة والذخائر غير المنفجرة، أو العبث بها، عدم سلوك الطرق غير الآمنة والالتزام دائما الطرق المعبدة، والالتزام دائما قواعد الحيطة والأمان. كما تدعو المواطنين عند مصادفته لغما أو أي جسم غريب، إبلاغ أقرب مركز عسكري أو الاتصال بأركان الجيش للعمليات – المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام على الرقم 1701.
تجدد الهيئة توصياتها بوجوب مصادقة لبنان على اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام- اتفاقية أوتاوا، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
معلومات أساسية حول اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام
في 8 ديسمبر / كانون الأول 2005 ، أعلنت الجمعية العامة أن 4 أبريل / نيسان من كل عام سيُحتفل به باعتباره اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الإجراءات المتعلقة بالألغام.
ودعا إلى مواصلة الجهود من جانب الدول ، بمساعدة الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة، لتعزيز إنشاء وتطوير قدرات وطنية في مجال الإجراءات المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب تهديدا خطيرا للسلامة والصحة والإنسان. حياة السكان المدنيين ، أو عائقا أمام التنمية الاجتماعية والاقتصادية على المستويين الوطني والمحلي.
اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد
لم ينضم لبنان الى الآن الى اتفاقية حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام ، المعروفة عموما باسم اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد. في عام 1997، صدّق 156 بلدا على المعاهدة أو انضم إليها. وتم تدمير ما يزيد على 41 مليون لغم من مخزونات الألغام المضادة للأفراد، وتوقف من حيث الجوهر إنتاج تلك الألغام وبيعها ونقلها. وصادف فاتح آذار/مارس 2009 الذكرى السنوية العاشرة لدخول الاتفاقية حيز النفاذ، وعقد ا لمؤتمر الاستعراضي الثاني للاتفاقية في وقت لاحق عام 2009 في كارتاخينا، كولومبيا.
وعلاوة على الألغام المضادة للأفراد، لا تزال ثمة تحديات فيما يتعلق بكافة مخلفات الحرب من المتفجرات. وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، رحب الأمين العام ببدء نفاذ البروتوكول الخامس بشأن مخلفات الحرب من المتفجرات الملحق بالاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة، وكرر دعوته لإضفاء الطابع العالمي عليه وتنفيذه. في كانون الأول/ديسمبر 2008،
اتفاقية بشأن الذخائر العنقودية
في المقابل كان لبنان من الدول السباقة للانضمام الى اتفاقية حظر الذخائر العنقودية في 30 مايو/أيار 2008. اعتمدت 107 دولة الاتفاقية بشأن الذخائر العنقودية لتدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الأول من أغسطس /آب 2010. وباعتماد الاتفاقية والتصديق عليها، تكون الدول قد خطت خطوة كبيرة نحو وضع حد للقتل والإصابة والمعاناة التي تسببها تلك الأسلحة. وتكتسب مصادقة لبنان أهمية خاصة كون لبنان قد عانى كثيراً من الذخائر العنقودية التي اطلقتها قوات الاحتلال الاسرائيلي لا سيما في العام 2006.
وافق البرلمان اللبناني على التصديق على اتفاقية الذخائر العنقودية في 17 أغسطس/آب 2010، وأودعت الحكومة رسمياً وثيقة التصديق لدى الأمم المتحدة في نيويورك في 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
كان لبنان رائداً منذ البداية، في الحركة من أجل حظر الذخائر العنقودية. وكان استخدام إسرائيل للذخائر العنقودية واطلاقه الملايين من الذخائر الصغيرة في جنوب لبنان عام 2006 أحد المحفزات وراء “عملية أوسلو”، والتي أنتجت اتفاقية الذخائر العنقودية. شارك لبنان بنشاط في المفاوضات، وكان المضيف لاجتماع إقليمي في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وكان أحد أوائل الحكومات التي وقعت على الاتفاقية في 3 ديسمبر/كانون الأول 2008. وكان البلد المضيف للاجتماع الثاني للاتفاقية الذي عقد في سبتمبر/أيلول 2011 في بيروت.
تحظر المعاهدة استخدام وانتاج ونقل وتخزين الذخائر العنقودية، وتتطلب إزالتها وتقديم المساعدة لضحاياها. وفقا لأحكام الاتفاقية، أمام لبنان 10 سنوات لتطهير المناطق الملوثة. لكن للاسف لم يتوفر الدعم الكافي لتحقيق هذا الهدف، وهناك حاجة ماسة من الجهات الدولية المانحة إلى زيادة الجهود الرامية إلى تطهير المناطق الملوثة ومساعدة ضحايا الذخائر العنقودية ومجتمعاتهم. ولا تزال الذخائر العنقودية توقع ضحايا في لبنان، حتى بعد سنوات من استخدامها.