(الإنجليزية) This report is also available in: English
موجز |
تتناول هذه الدراسة الترابط بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة، والحقوق المدنية والسياسية من جهة أخرى، في حالات الاختفاء القسري. والاختفاء القسري، بحكم طبيعته، ينتهك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمختفي وأفراد أسرته وغيرهم. ويضاف إلى ذلك أن الذين لا يتمتعون تمتعاً تاماً بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كثيراً ما يكونون أشد عرضة للاختفاء القسري.
|
ثم إن الأشخاص الذين ينشطون في تعزيز التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو ممارسة تلك الحقوق أشد عرضة، في العديد من السياقات، للوقوع ضحايا الاختفاء القسري مما لو كانت حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية محمية. وفي مثل هذه الظروف، يُستخدم الاختفاء القسري وسيلةً لردع الناس عن تعزيز حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارستها. |
والدول ملزمة، بمقتضى الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بمنع الاختفاء القسري واستئصاله وبتعويض ضحاياه، مراعيةً في ذلك العلاقة الجوهرية بين الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتستوجب التدابير الفعالة لمنع الاختفاء القسري واستئصاله ولتعويض الضحايا انتهاج نهج شامل يتضمن تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحمايتها كما يجب. |
أولاً مقدمة
- تعد الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مترابطة ومتكاملة وغير قابلة للتجزئة. وغالبا ما يشمل انتهاك مجموعة من هذه الحقوق انتهاكاً للحقوق الأخرى.[1] ومن البديهي أن حماية الحقوق المدنية والسياسية يعد أمراً أساسياً من أجل التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعكس صحيح. وتنص ديباجتا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنه “وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن المثل الأعلى للإنسان الحر، الذي أمن الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف الضرورية لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك بحقوقه المدنية والسياسية”.[2] كما أن عدم قابليتها للتجزئة وترابطها أمر ضروري لفهم العلاقة بين حالات الاختفاء القسري (التي عادة ما تفهم على أنها مجرد انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية) من جهة، وبين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من جهة أخرى.
- ومنذ تشكيله، أدرك الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي أن الاختفاء القسري ينتهك العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وله تأثير سلبي، بصفة خاصة، على تمتع الشخص المختفي وأفراد عائلته والآخرين بتلك الحقوق.[3] ويعتبر الفريق العامل أن الشخص المختفي ومن تعرضوا للضرر نتيجة لهذا الاختفاء هم ضحايا للاختفاء القسري، بحيث يعانون من انتهاكات لمجموعة من الحقوق بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (A/HRC/22/45، الفقرة 51). وعلى نفس المنوال، أشار الفريق العامل إلى الأمور المتعلقة بالحق في الصحة والملكية والتعليم، بالإضافة إلى حق المشاركة في الحياة الثقافية والحصول على السكن (A/HRC/WGEID/98/2 وA/HRC/WGEID/98/1). وغالبا ما ركز الفريق على الضرر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لحالات الاختفاء القسري فيما يتعلق بالحق في جبر الضرر.[4] وأخيرا، فقد سلط الفريق العامل في العديد من المناسبات الضوء على حالات الفقر المدقع التي يعيش فيها ضحايا الاختفاء القسري. وتعتبر حالات الفقر المدقع تلك سبباً ونتيجة للاختفاء القسري (E/4/1986/18/Add.1).
- إلا أنه حتى الآن لم يتطرق الفريق العامل إلى العلاقة بين حالات الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على نحو شامل وممنهج.
- في نوفمبر 2013، عقد الفريق العامل اجتماعا تشاوريا للخبراء لمناقشة العلاقة بين الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والوقوف على التحديات والممارسات الفضلى في هذا الجانب. وبناءً على مساهمات الخبراء خلال الاجتماع التشاوري والأبحاث المقدمة وتحليل الممارسات المرتبطة بالموضوع والتقارير القُطرية وغيرها من الأنشطة، بالإضافة إلى التقارير الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة وهيئات حقوق الإنسان الدولية الأخرى، أعد الفريق العامل هذا التقرير.
- يتمثل الغرض الرئيس من التقرير في توضيح وتفكيك العلاقة بين حالات الاختفاء القسري من جهة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من جهة أخرى، مع تسليط الضوء على المنهجية التي على الدول اتباعها للتعامل مع هذه العلاقة.
- لا يقتصر التقرير فقط على جانب تأثير الاختفاء القسري على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بل يتناول وضعية المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم ممن غالبا ما يصيرون ضحايا للاختفاء القسري نتيجة لدفاعهم عن تلك الحقوق. بالإضافة إلى ذلك، يسعى التقرير لتوضيح غياب التمتع الفعال بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بوصفه عاملاً يؤدي وقوع حالات الاختفاء القسري أو يساهم فيها.
- وعلى ضوء المادة 3 من الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (المشار إليه فيما يلي باسم “الإعلان”)، الذي يحث الدول على اتخاذ كافة الإجراءات الفعالة للحماية من أفعال الاختفاء القسري والقضاء عليها، يناقش التقرير أيضا الإجراءات التي يجب على الدول اتخاذها لمواجهة انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للضحايا باعتبارها سببا ونتيجة لحالات الاختفاء القسري.
ثانياً الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
أ. غياب التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخطر التعرض المتزايد للاختفاء القسري
- قد يكون غياب الحماية الفعالة لبعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أحد العوامل المساهمة في حالات الاختفاء القسري. وقد رصد الفريق العامل والهيئات الأخرى أن الأشخاص الذين يعيشون في الفقر ولا يتمتعون بعدد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هم الأكثر عرضة للاختفاء القسري (E/CN.4/1986/Add.1، الفقرة. 93–100 و110).
- تقر اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن “الفقر يمكن تعريفه بأنه وضع إنساني قوامه الحرمان المستمر أو المزمن من الموارد والإمكانات والخيارات والأمن والقدرة على التمتع بمستوى معيشي لائق، وذلك مع الحقـوق المدنية والثقافيـة والاقتصاديـة والسياسية والاجتماعية الأخرى”.[5] وتبعاً لذلك، غالباً ما يعاني الأشخاص الذين يعيشون في ظل الفقر من غياب الاندماج الاجتماعي والاعتراف السياسي والحماية القانونية والفعلية. ويمكن لغياب الأمن أن يِؤدي إلى غياب الحماية الكافية لعدد من الحقوق، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان التي تشمل الاختفاء القسري.[6] وفي الواقع، تتركز نسبة عالية من ضحايا الاختفاء القسري، في العديد من النزاعات، في أفقر المناطق وغالبية الضحايا هم من الفقراء.[7]
- إن القدرة المحدودة للأشخاص الفقراء في الولوج إلى المسارات والآليات القانونية والقضائية لا تعد مجرد انتهاك لحقوق الإنسان في حد ذاتها فحسب، بل هي أيضاً نتيجة للعديد من الانتهاكات الأخرى. كما أن غياب سبل الانتصاف فيما يتعلق بالآثار السلبية للسياسة الاجتماعية في مجالات الصحة والإسكان والتعليم والثقافة والضمان الاجتماعي غالباً ما يؤدي إلى عدم القدرة على المطالبة بالتعويض في حالات انتهاك حقوق الإنسان الأساسية. ويُحرم الأشخاص الفقراء، عند مواجهة نظم العدالة الجنائية، من وسائل الاعتراض على ظروف اعتقالهم أو حبسهم احتياطياً أو محاكمتهم أو إدانتهم أو احتجازهم أو إطلاق سراحهم.[8] وقد أكد المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان على ذلك:
إن عجز الفقراء عن الحصول على سبل الانتصاف القضائية من خلال الأنظمة الحالية يزيد من تعرضهم للفقر وانتهاك حقوقهم. وفي المقابل، فإن زيادة تعرضهم للمخاطر واستبعادهم يزيد من محدودية ولوجهم إلى أنظمة العدالة. وتحول هذه الدائرة المفرغة دون التمتع بالعديد من حقوق الإنسان.[9]
- هناك العديد من الأسباب التي توضح هشاشة وضعية الفقراء كضحايا محتملين للاختفاء القسري. وقد لا يطالب الأشخاص الفقراء بالعدالة في حالات الاختفاء القسري حيث لا يمكنهم تحمل “تكاليف المشورة القانونية والرسوم الإدارية وغيرها من التكاليف الإضافية”.[10] فضلاً عن ذلك، فقد يخشى من يعيشون في الفقر التعرض لأفعال انتقامية أو عقابية من الجهات النافذة، وقد لا يلجؤون إلى الانتصاف القضائي نظراً لخوفهم وبسبب الممارسات التمييزية من قبل السلطات.[11] وتساهم تلك العوامل في الإفلات من العقاب الذي غالباً ما يحيط بحالات الاختفاء القسري، وهو ما يساهم في تكرارها في المستقبل لأنه لا خوف من الخضوع للمساءلة. وفي العديد من الحالات، يُهمش الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ويعيشون في مناطق يكون فيها عدد المؤسسات الحكومية محدوداً أو غير موجود، حيث تميل قوات الأمن للعمل دون قيود عما عليه الحال في المناطق المركزية أو المأهولة أو الحضرية.[12] وتزيد هذه العوامل الظرفية من حدة التمثلات النمطية وتجعل من هؤلاء الأشخاص مواطنين من الدرجة الثانية حيث يصير اختفاؤهم أمراً مقبولاً إن لم يكن مبرراً.
- إن عدم التمتع الكامل ببعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يجعل الأشخاص أكثر عرضة للاختفاء القسري. فعلى سبيل المثال، تنتفي الحماية الأساسية ضد الاختفاء القسري عندما ينتفي ضمان الحق في السكن، لأن الأشخاص يفقدون الحاجز المادي الذي توفره المنازل ضد من يريد إلحاق الأذى بهم. وفي العديد من النزاعات، أدى الدمار واسع النطاق أو خصخصة الدولة للمنازل والممتلكات إلى حدوث انتهاكات للمستوى المعيشي اللائق، بما في ذلك عمليات الإخلاء القسري والتعرض في وقت لاحق على نحو متزايد للاختفاء القسري (E/CN.4/2006/56/Add.1، الفقرة 30؛ وE/CN.4/2004/48، الفقرة. 35–37).
- إن الدول التي لا تتوفر على تشريعات كافية لحماية السكن أو لا تضمن الاعتراف بالإقامة القانونية في المناطق التي يعيش فيها السكان الأصليون والمناطق القروية والمناطق التي تعيش فيها الأقليات العرقية، تترك تلك المجموعات عرضة للاستيلاء على الأراضي والإخلاء القسري. وغالبا ما لا تملك الشعوب الأصلية والجماعات الإثنية والعمال الريفيون في تلك المناطق سبلاً أو طرقاً للتصدي لعمليات الاستيلاء. وقد يُتركون دون مأوى أو مشردين. وقد تؤدي تلك الانتهاكات أو التصدي لها إلى تزايد خطر التعرض للاختفاء القسري.[13]
- إن الأطفال في وضعية هشاشة هم الأكثر عرضة للاختفاء القسري.[14] فالأطفال الذين لا يتمتعون بالحق في التعليم أو الذين يعيشون في ظل أوضاع الفقر أو يعيشون في الشوارع أو الذين تم تشريدهم يزدادون عرضة للاختطاف ليتم تحويلهم إلى أطفال جنودٍ أو الاتجار بهم بغرض الاستغلال.
- إن المهاجرين غير القانونيين معرضون على وجه الخصوص للاختفاء القسري بسبب غياب وثائق تحديد هويتهم وغياب الموارد المالية والقوانين الفعالة وأنظمة الحماية والمشاركة السياسية والاجتماعية والثقافية، وسبل الانتصاف القضائية (A/HRC/19/58/Add.2، الفقرة 69).[15]
- على نفس المنوال، قد يتعرض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية نفسية بشكل أكبر للاختفاء القسري في سياقات محددة، بما في ذلك دخول المؤسسات المخصصة لهم أو عند التواصل مع مسؤولي إنفاذ القوانين (A/HRC/WGEID/101/1، فقرة 125).
ب. أثر الاختفاء القسري على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشخص المختفي
- يحرم الشخص ضحية الاختفاء القسري من حريته ويوضع خارج نطاق الحماية القانونية.[16] إن وضع شخص خارج نطاق الحماية القانونية يعني انتفاء كافة أشكال الحماية، بما في ذلك تلك المخصصة لتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. (E/CN.4/1435، الفقرات. 184–187؛ وA/HRC/19/58/Rev.1).
- لا يمكن للشخص ضحية الاختفاء القسري الحصول على أجر، كما لا يمكنه الحصول على منصب عمل. وبذلك يتم انتهاك حق الشخص المختفي في العمل. وقد يستمر انتهاك حق الشخص المختفي في العمل حتى بعد إطلاق سراحه بسبب الوصم المرتبط بالاختفاء القسري أو بسبب الآثار النفسية والبدنية التي يخلفها على الضحية. كما أن الادعاء بمشاركة الشخص المختفي في نشاط غير قانوني قد يرهب الأشخاص الآخرين في المجتمع على نحو يجعلهم يمانعون من حصول الشخص المختفي على منصب عمل مرة أخرى.[17]
- يُحتجز العديد من الأشخاص ضحايا الاختفاء القسري في أماكن غير رسيمة أو سرية تحرمهم من الحرية، حيث قد يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات التي تمس سلامتهم البدنية والنفسية (A/HRC/13/42، الفقرة 291). وفي ظل هذه الظروف، ينتهك حق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية. وبالنسبة إلى من يستردون حريتهم بعد التعرض للاختفاء القسري، يكتسي أثر تلك الانتهاكات على سلامتهم البدنية والنفسية والحق في الصحة طابعا مستداما. ويتم المساس بشكل أكبر بالحق الكامل في الصحة بسبب أفعال الدولة أو تقصيرها المباشر أو غير المباشر خلال الاختفاء القسري.
- على الرغم من تدني نسبة النساء والأطفال ضحايا الاختفاء القسري، إلا أن حقوقهم تتأثر بشكل غير متناسب عند وقوع تلك الانتهاكات.
- غالباً ما تتعرض النساء ضحايا الاختفاء القسري للعنف القائم على النوع مثل العنف البدني والجنسي، بما في ذلك الاغتصاب” (A/HRC/WGEID/98/2، الفقرتان 8 و14). كما أن النساء تتعرضن لمخاطر صحية خاصة بسبب الحمل أو الحمل الذي قد يحدث أثناء فترة الاحتجاز والاختفاء. وعند احتجاز المرأة في منشآت لا تتوفر فيها الرعاية المطلوبة للمرأة الحامل، يُنتهك حقها في الصحة كذلك (A/HRC/WGEID/98/2، الفقرة 9؛ وE/C.12/2000/4، الفقرة 21). وفي هذه الحالات، تكون الدول ملزمة باتخاذ إجراءات حمائية خاصة للمرأة الحامل المحتجزة (المرجع نفسه).
- قد يتعرض الأطفال أنفسهم للاختفاء القسري أو يولدون من أم ضحية للاختفاء القسري خلال فترة الاحتجاز (A/HRC/WGEID/98/1، الفقرة 2). وفي كلتا الحالتين، يُحرم الأطفال من مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لاسيما حقهم في التعليم (المرجع نفسه، الفقرة 33). وعند ولادتهم خلال فترة الاختفاء القسري للأم، يتم إخفاء أو تغيير المستندات التي تثبت هويتهم الحقيقية في معظم الحالات، مما يضعهم خارج نطاق الحماية القانونية ويحرمهم من الحقوق الأساسية.
ج. أثر الاختفاء القسري على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأسرة الشخص المختفي أو من يعولهم
- يُؤثر الاختفاء القسري على تمتع الشخص المختفي أو أسرته بمجموعة من الحقوق؛ ويشمل ذلك حق الحصول على الرعاية الصحية، وحق التعليم، وحق المشاركة في الحياة الثقافية، وحق الضمان الاجتماعي، وحق الملكية، وحق الحياة الأسرية، والحق في السكن (A/HRC/22/45/Add.2، فقرة 81). وتصبح هذه الانتهاكات أكثر جلاء عندما يكون الشخص الذي تعرض للاختفاء القسري هو “المعيل الرئيسي”. وغالبية الذين يتعرضون للاختفاء القسري هم من الذكور، وعادةً ما يكونون مصدر الدخل الرئيسي أو الوحيد للأسرة. ويَترك هؤلاء الرجال خلفهم زوجات وأسر عند تعرضهم للاختفاء؛ كما يتعرض أفراد هذه الأسر للوصم الاجتماعي، لاسيما، النساء اللواتي غالباً ما تصبحن منبوذات من المجتمع بعد اختفاء أزواجهن لأن هؤلاء يُتهمون ظلماً بارتكاب جرائم أو لأن الناس يخافون من الصلة بينهم وبين شخص كان ضحية للاختفاء قسري. كما أن هناك الحالات التي ترفض فيها الزوجات التصرف كأرامل، لاسيما من خلال الملبس، حيث تُحرمن من أي دور واضح في مجتمعاتهن. كما أنهن قد تصبحن فريسة للاستغلال الاقتصادي والجنسي (A/HRC/WGEID/98/1). فضلاً عن ذلك، فإن أمهات الأشخاص الذين يتعرضون للاختفاء قد يتم وصمهن اجتماعياً من خلال إلقاء اللوم عليهن بسبب عدم الاعتناء المناسب بالابن ضحية الاختفاء (المرجع نفسه، الفقرة 11).
- لاحظ الفريق العامل :
تتفاقم الاضطرابات العاطفية لأفراد أسر ضحايا الاختفاء القسري تبعاً لذلك بسبب الفقر المادي الذي يزداد أثره بسبب التكاليف الناتجة عن قرارهم بالبحث عن أحبائهم. فضلاً عن ذلك، فإنهم لا يعرفون متى سيعود أحباؤهم – إن حصل ذلك – مما يجعل من الصعب عليهم التأقلم مع الوضعية الجديدة. وفي بعض الحالات، قد تجعل التشريعات الوطنية من المستحيل الحصول على معاش أو تلقي أي شكل من أشكال الدعم الأخرى في غياب شهادة الوفاة. وتبعا لذلك، فإن التهميش الاقتصادي والاجتماعي غالبا ما يكون نتيجة للاختفاء القسري. وفي ظل هذه الظروف، يتم انتهاك العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصكوك الأخرى مثل الحق في الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي وحق الملكية والحياة الأسرية (المرجع نفسه، الفقرة 12).
- في الوقت الذي يعد فيه خرق الحق في حماية الحياة الأسرية انتهاكاً محورياً يعاني منه الأقارب، تعاني أسر الأشخاص ضحايا الاختفاء القسري من انتهاكات لحقوقها الاقتصادية لأنها تحرم من المزايا والأجور والمساعدة الاجتماعية التي يحق للشخص المختفي الحصول عليها. فعلى سبيل المثال، عرضت على المحكمة الدستورية في كولومبيا العديد من القضايا التي رفع فيها أفراد الأسرة دعاوى بسبب فقدان الأجر الخاص بفرد العائلة المختفي. وعلى وجه الخصوص، قررت المحكمة أنه يجب على الدولة والقطاع الخاص الاستمرار في دفع راتب الشخص المختفي طوال فترة الاختفاء.[18]
- تؤدي حالات الاختفاء القسري إلى إنكار الوجود القانوني للشخص المختفي. ونتيجة لذلك، يتم منعه من التمتع بكافة حقوق الإنسان والحريات الأخرى. ويُحرم الشخص المختفي بحكم الواقع من مسكنه وتجميد ممتلكاته وسط إهمال قانوني حيث لا يمكن لأحد، حتى أقرب أقربائه، التصرف في تلك التركة إلى أن يتم الإعلان عن مصير الشخص المختفي حياً أو ميتاً، مما يعني أنه غير معترف به قانوناً” (A/HRC/19/58/Rev.1، الفقرة 2). ومن تبعات هذه الوضعية أن الأقارب قد يحرمون أيضاً من الحصول على معاش أحبائهم والتصرف في حساباتهم البنكية والحصول على وسائل الدعم الأخرى. وفي بعض الحالات، يرجع ذلك إلى عدم وجود “شهادة الغياب” بسبب الاختفاء القسري (A/HRC/WGEID/98/1، الفقرة 12).
- كما قد يتم انتهاك حق الأسرة في السكن اللائق لأن الأسرة قد تكون غير مؤهلة لإرث المنزل الذي تعيش فيه دون شهادة وفاة الشخص المختفي. كما قد يتم انتهاك الحق في السكن اللائق أيضا عندما تفرض الدول قوانين تمنع أي شخص، بخلاف أرباب الأسر من الذكور، من إجراء معاملات مالية كبيرة مثل شراء مسكن.[19]
- قد يؤدي الخوف من التداعيات من طرف السلطات أو الأشخاص المسؤولين عن الاختفاء القسري إلى إجبار الأسرة على التخلي عن مسكنها والانتقال إلى مكان آكثر أمانا.[20] وبالنسبة للعديد من الأسر، يؤدي الانتقال إلى التخلي عن منازلهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم وسبل عيشهم ووظائفهم ومساراتهم الدراسية.
- كما قد يؤدي الاختفاء القسري إلى الحرمان من الحق في التعليم بالنسبة إلى أبناء الشخص ضحية الاختفاء القسري. وتبعا لذلك، يتم خرق العديد من حقوق الأطفال في حالات الاختفاء القسري للأبوين، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي العديد من الحالات، يُمنع الأطفال من ممارسة حقوقهم بسبب الغموض القانوني الناجم عن غياب ولي الأمر المختفي. كما يواجه الأطفال العديد من العقبات فيما يتعلق بتمتعهم بحقوقهم، بما في ذلك حقهم في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والملكية (A/HRC/WGEID/98/1، الفقرة 7).
- قد يتعذر على ولي الأمر الناجي دفع رسوم الدراسة أو قد يضطره الأمر إلى تخلي الطفل الأكبر عن الدراسة والعثور على عمل لتقديم الدعم المالي. وقد يتجنب أطفال الشخص المختفي الذهاب للمدرسة بسبب الوصم المرتبط بالاختفاء القسري أو بسبب الصدمة النفسية الناجمة عن الاختفاء.
- من شأن الصعوبات الاقتصادية والصدمة الناجمة عن فقدان أحد أفراد الأسرة بسبب الاختفاء القسري أن تصيب باقي أفراد الأسرة بصدمات نفسية لا تؤدي إلى انتهاك الحق في الحياة الأسرية فحسب، بل تمتد إلى آثار بدنية ونفسية أخرى، فضلاً عن انتهاك حق الأسرة في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية (الفقرة 12، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية). وتتمثل آثار الاختفاء القسري على الصحة البدنية والنفسية لأفراد الأسرة المقربين للشخص ضحية الاختفاء القسري في “الصدمة طويلة الأمد والأزمة النفسية الكامنة والمستدامة، حيث يستمر الألم والحزن الناجم عن غياب الأحباء لأجل غير مسمى”.[21]
- وفي العديد من الحالات، لا يتاح أمام أسر الضحايا إمكانية التعبير عن مأساتهم، كما لا يتمتعون بفضاءات آمنة تمكنهم من بيان تجربتهم على نحو هادف من الناحية الثقافية. ويؤثر ذلك الموقف على حقهم في المشاركة في الحياة الثقافية (A/HRC/25/49).[22]
ثالثاً الاختفاء القسري انتقاماً من النشطاء في مجال تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحمايتها
- عادة ما يستخدم الاختفاء القسري لقمع وتخويف الأشخاص الذين يطالبون بحقوقهم (A/HRC/22/45، الفقرة 33). ويملك الفريق العامل في جدول الشكاوى الخاص به حالات ضحايا للاختفاء القسري من بين النشطاء في ممارسة أو تعزيز التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك أعضاء النقابات العمالية ودعاة حماية البيئة والمزارعين والمدرسين والصحفيين والفنانين.[23] وفي تلك الحالات، يستخدم الاختفاء القسري كإجراء قمعي وأداة لمنع الممارسة المشروعة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو الدفاع عنها أو تعزيزها أو التمتع بها.
- غالبا ما يتم تصنيف المدافعين عن حقوق الإنسان على أنهم متمردون أو إرهابيون أو أنهم “معادون للتنمية” (A/68/262، الفقرة 15) لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت ضدهم أو القبول بها أو التقليل من خطورتها، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري (A/HRC/13/22، الفقرة. 27).
- في المناطق التي يشيع فيها الاستيلاء على الأراضي، قد يتعرض العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحتجين على تلك الممارسات للاختفاء القسري.[24]
- عندما يصبح أحد الأشخاص ضحية للاختفاء القسري نتيجة لممارسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو العمل على تعزيزها، يتم انتهاك إمكانية التمتع بتلك الحقوق. وعلى سبيل المثال، يتداخل اختفاء معلم يعمل على تعزيز الحقوق الثقافية أيضاً مع الحق في الحياة الثقافية، بالإضافة إلى انتهاك ممارسة الطلاب لحقهم في التعليم (A/HRC/22/45، الفقرة 69).
- كما يتم استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان لتخويف الآخرين ومنعهم من المطالبة بحقوقهم وممارستها. إن الاختفاء القسري هو جريمة متعمدة، يتم التفكير فيها وتصورها مسبقاً كوسيلة من وسائل الترهيب، وهو ما يثبط عزيمة من يسعون إلى التمتع بحقوقهم بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[25] كما أن الاختفاء القسري لنشطاء حقوق الإنسان ينتهك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للآخرين المشاركين في الأنشطة ذات الصلة وبالمجتمع الأوسع للأشخاص الذين يعتمدون على الشخص المختفي لتمثيل حقوقهم والدفاع عنها.[26] كما قد يتم تهديد الأشخاص المرتبطين بالمدافعين عن حقوق الإنسان أو إخفائهم قسرا.
- إن تعرض أحد رؤساء الاتحادات للاختفاء القسري، على سبيل المثال، قد يؤدي إلى انتهاكات للحق في العمل أو الانتساب إلى النقابات من قبل العمال الذين قد يخشون فقدان وظائفهم نتيجة لنشاطاتهم الاتحادية أو التعرض لأعمال انتقامية فيما يتعلق بمطالباتهم المتعلقة بالعمل. وبالتالي قد يتعذر على العاملين المطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب خوفهم من أن يصبحوا عرضة للاختفاء القسري.[27]
- فضلاً عن ذلك، فعندما يتعرض شخص ما للاختفاء القسري انتقاماً منه بسبب ممارسته للحقوق الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية بالاشتراك مع الآخرين، يعتبر ذلك انتهاكا لذلك الحق على وجه الخصوص. فعلى سبيل المثال، يعد اختفاء إحدى رئيسات الاتحادات بسبب نشاطاتها الاتحادية انتهاكاً لحقها فضلاً عن حق الأعضاء الآخرين بالنقابة العمالية في الانتساب إلى النقابة.
- أخيراً، بسبب الطبيعة الجماعية لبعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن اختفاء شخص ما قد يكون له تأثير سلبي على المحيط المجتمعي بشكل أوسع. ومن الأمثلة الموضحة لذلك الاختفاء القسري لأحد قادة طائفة من الأقليات والتأثير الذي قد يتركه ذلك على ممارسة حق المشاركة في الحياة الثقافية لأعضاء آخرين من الطائفة ذات الصلة، وهو ما قد يكون “جماعيا” و”لا يمكن التعبير عنه والتمتع به إلا في إطار المجموعة”.[28] ومن شأن حالات الاختفاء أن يكون لها تأثير على حق المشاركة السياسية ووجود وحماية التنوع الثقافي للمجتمع وهو ما يعد شرطاً لممارسة كافة حقوق الإنسان.
- من شأن اختفاء قادة المجموعات الأصلية، على سبيل المثال، أن يحرم مجتمعاتهم من ممارسة حقهم في إقامة جنازات تقليدية للمتوفين والحفاظ على اللغة والتقاليد الشفوية المتداولة والاحتفالات الدينية، ومن تم انتهاك حق المجموعات في المشاركة في الحياة الثقافية.[29] كما أن اختفاء قادة المجموعات بالإضافة إلى الشخصيات البارزة في المجتمع يشكل ضررا على وجه الخصوص بسبب معرفتهم بالتراث الثقافي كما هو الحال بالنسبة إلى دور المسؤولين عن نقل التقاليد والممارسات داخل المجتمع.[30]
رابعاً إعلان 1992 المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
- يتيح الإعلان نقطة البداية لتحليل العلاقة بين حالات الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتنص المادة 2 من الإعلان أن “الاختفاء القسري ينتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل، ضمن جملة أمور، حق الشخص في الاعتراف به كشخص في نظر القانون وحقه في الحرية والأمن، وحقه في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما ينتهك الحق في الحياة أو يشكل تهديدا خطيرا له”. وفي الوقت الذي تبدو فيه هذه الصيغة مقصورة على انتهاك الحقوق المدنية والسياسية كما يتم تعريفها بصورة تقليدية، فإن عبارة “من جملة أمور” تعني أن هناك حقوقاً أخرى يتم أيضاً انتهاكها في سياق الاختفاء القسري، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما تنص الفقرة الأولى من نفس المادة على أن “كل عمل من أعمال الاختفاء القسري يعتبر جريمة ضد الكرامة الإنسانية وانتهاكا خطيرا وصارخا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. ويعني ذلك أن حالة الاختفاء القسري قد تؤدي إلى خرق كافة الحقوق المذكورة في الإعلان العالمي. وبالنظر إلى هذا الإطار والالتزامات الرئيسية بالحماية من الاختفاء القسري والقضاء والمعاقبة عليه ومنح تعويضات بشأنه[31] ، يرى الفريق العامل أنه من بين الالتزامات القانونية المفروضة على الدول، تحليل أسباب حالات الاختفاء القسري والسياق الذي حدثت فيه. وبناءً عليه، ومن أجل معالجة الاختفاء القسري بفعالية وبشكل شمولي، يقتضي الإعلان فهم العلاقة بين حالات الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- بموجب الإعلان، تلتزم الدول بالحماية من الاختفاء القسري والقضاء عليه وفرض عقوبات على مرتكبيه. كما تلتزم الدول بتقديم التعويضات والمساعدة الاجتماعية وإعادة التأهيل لعائلة الشخص ضحية الاختفاء القسري. ولا تعتبر الإجراءات المذكورة أعلاه شاملة لكل ما يتعين على الدول اتخاذه في إطار المادة 21 من الإعلان.[32]
- يتعين أن تستهدف إجراءات الحماية من الاختفاء القسري والقضاء عليه وفرض عقوبات على مرتكبيه وتقديم تعويضات بشأنه، الأوضاع التي تؤدي إلى خطر التعرض للاختفاء القسري والتي أتاحت وقوع انتهاكات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على إثر الاختفاء القسري. إن دراسة الوضعية المؤدية إلى الاختفاء القسري تتطلب الأخذ بعين الاعتبار كافة العوامل التي تؤدي إلى وقوع الاختفاء القسري، بما في ذلك عند اتخاذ الإجراءات الوقائية من الاختفاء القسري والقضاء عليه والتحقيق بشأنه وفرض عقوبات على مرتكبيه وتقديم تعويضات بشأنه وضمان عدم تكراره.
أ. التزام الدول بالحماية من الاختفاء القسري والتحقيق بشأنه والمعاقبة على ارتكابه من خلال تعزيز الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحمايتها
- تلتزم الدول بموجب الإعلان باتخاذ الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية الفعّالة أو غيرها من التدابير للحماية من الاختفاء القسري (المادة 3). وبغية مكافحة الاختفاء القسري، فإنه من الأهمية بمكان اعتبار أي حالة اختفاء قسري جريمة جنائية بموجب القانون الجنائي والمعاقبة عليها بالعقوبات الملائمة (المادة 4).
- تنص المادة 9 كذلك على الحماية : ” يعتبر الحق في الانتصاف القضائي السريع والفعال، بوصفه وسيلة لتحديد مكان وجود الأشخاص المحرومين من حريتهم أو للوقوف على حالتهم الصحية و/أو تحديد السلطة التي أصدرت الأمر بحرمانهم من الحرية أو نفذته، ضروريا لمنع وقوع حالات الاختفاء القسري في جميع الظروف”. وتقيم المادة 9 بوضوح الصلة بين الانتصاف الفعال وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ إنها تتطلب انتصافاً فعالاً ليس فقط لتحديد مكان وجود الشخص، ولكن كذلك تحديد “حالته الصحية”. ويتطلب هذا الالتزام أن تقوم الدولة بالأبحاث اللازمة بهدف التوصل إلى حماية حق الشخص في الصحة والسلامة الجسدية والنفسية وغيرها.
- يتعين اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بغرض وضع إطار عام للحماية من الاختفاء القسري أو التصدي له في حالة وقوعه، وتعتبر تلك الإجراءات ضرورية حتى لو لم يكن للدولة المعنية تاريخ في حالات الاختفاء القسري أو سجل حافل بها (E/CN.4/1996/38 الفقرة 49).
- بما أن الفقر في بعض المجتمعات يزيد من خطر التعرض للاختفاء القسري، على الدول أن تتخذ إجراءات فعّالة لتخفيف ظروف الفقر وتجنبها كإجراء وقائي لمنع حالات الاختفاء القسري. كما يلعب الضمان الاجتماعي “دوراً مهماً في الحد من الفقر ومحاربته، ومنع الإقصاء وتعزيز الإدماج الاجتماعي” (E/C.12/GC/19، الفقرة 3). وينبغي على الدول اتخاذ اجراءات تشريعية وغيرها من الإجراءات لتوفير الضمان الاجتماعي بدون شروط بالنسبة إلى الذين هم بحاجة إليه، ويشمل ذلك الذين يواجهون البطالة لاسيما أقارب الشخص ضحية الاختفاء القسري (E/C.12/DZA/CO/4، فقرة 13). وفضلاً عن ذلك، فإن إنشاء آليات قضائية وشبه قضائية وإدارية وسياسية تتضمن مشاركة المجموعات المُهمشة وتوفير الشروط اللازمة للمجموعات المهمشة للمشاركة في الحياة الاجتماعية وتعزيز الإدماج المجتمعي، أمر ضروري لضمان التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولمنع حالات الاختفاء القسري (المرجع نفسه).
- بوجه عام، يعد ضمان التنوع الثقافي واحترامه، وتوفير فضاءات للتعبير عن الآراء والأوضاع والقراءات المتعددة للتاريخ في المجال العام عاملا يخفف من حدة هشاشة الذين يتشككون بطريقة ما في الأفكار والمواقف السائدة، ومن تم الحيلولة دون استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان.
- يستلزم الإعلان كذلك من الدول أن تضمن لضحايا الاختفاء القسري الحصول على وسيلة انتصاف فعّالة تتضمن التحقيق الجاد والمحايد لتحديد الأشخاص المسؤولين والحكم عليهم بالعقوبات المناسبة. كما تلتزم الدول بأن تكفل لأي شخص، لديه علم أو مصلحة مشروعة يدعي بأن شخصاً ما وقع ضحية اختفاء قسري، الحق في تقديم شكوى إلى جهة حكومية مستقلة وأن يتم التحقيق في شكواه (المادة 13).
- يجب ضمان الحق في تقديم الشكاوى والحصول على تحقيق شامل وفعّال، لا سيما بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يمتلكون الموارد الكافية للسفر أو الحصول على المساعدة القانونية بغرض تقديم الشكاوى أو التحقيق في الاختفاء. ويتعين أن تتاح آليات الشكاوى للجميع، كما يتعين نشر المعلومات الضرورية حول كيفية تقديمها على نطاق موسع. وهذا أمر أساسي لمنع مرتكبي جرائم الاختفاء القسري المحتملين من الاعتماد على تمييز الدولة ضد فئات مستضعفة حتى يتسنى لهم ارتكاب أعمال الاختفاء القسري و / أو التهرب من المحاكمة. ويرتبط هذا على نحو وثيق بالتزام الدول بسن التشريعات التي تجرم حالات الاختفاء القسري بموجب المادة 4 من الإعلان والمعاقبة عليه بالعقوبات المناسبة، والتي تأخذ في الاعتبار شدة خطورة الجريمة.
- من أجل الوفاء بهذا الالتزام، يجب ألا تقتصر الدول على إنشاء الآليات الضرورية فحسب، بل أيضاً تفعيلها وبدون أي تمييز. وتتضمن الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان عدم شطط المسؤولين وتجاهل حقوق الضحايا في التحقيق ما يلي : الزمن الكافي للتحقيقات ولكل إجراء من الإجراءات العملية، والملاحقة الجنائية للمسؤولين الذين يعيقون سير القضاء أو يمتنعون عن اتباع اجراءات التحقيق، وإمكانية رفع القضايا المدنية ضدهم، وإقالة الهيئات التي تسيء استخدام سلطاتها وتمتنع عن التحقيق على نحو لائق في الشكاوى، ومشاركة المعلومات مع أعضاء أسرة الشخص المختفي.[33] وإذا لم تكن الدولة تتوفر على المؤسسات أو الموارد لإجراء التحقيقات على النحو الصحيح، لابد من إنشاء هذه المؤسسات، وإلا وجب السماح للأطراف الفاعلة التي تشمل المنظمات الدولية المعنية أو الدول الأخرى بتقديم المساعدة كما تنص على ذلك المادة 2 من الإعلان. وينبغي أن تقر الدول بصفة خاصة جميع التدابير اللازمة والإجراءات الملموسة بغية ضمان ألا تحول العوامل الاقتصادية دون الولوج إلى العدالة أمام ضحايا الاختفاء القسري.
- تعتبر التحقيقات الملائمة التي تُجرى بموجب المادة 13 وتجريم الاختفاء القسري بموجب المادة 4 لتجنب الإفلات من العقاب عن حالات الاختفاء القسري ضرورية لتعزيز المساءلة. وينبغي على الدول مساءلة المسؤولين والسلطات عن الأفعال والإغفالات التي تؤدي إلى التمييز ضد الفقراء وتفاقم وضعهم الهش.[34]
- يتضمن الالتزام المنصوص عليه في المادة 13 من الإعلان واجب التحقيق في خرق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك في ظروف الاختفاء القسري نفسه. ويسري الأمر نفسه عند وقوع حالة اختفاء انتقاما من ناشطين في مجال تعزيز أو ممارسة الحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، فينبغي التحقيق في ذلك على النحو الملائم وبحيادية. ومن الجوهري إبراز هذا الارتباط من خلال التحقيقات الجنائية لفضح أنماط الإفلات من العقاب ومنع وقوع أحداث مشابهة.
- يمكن أن يتعرض ضحايا الاختفاء القسري الذين لا يملكون الوسائل المالية للحصول على المعلومات أو سبل الانتصاف المناسبة للحرمان من حقوقهم بموجب الإعلان. وكما أوضح المقررون الخواص أو بعض الإجراءات الخاصة (A/67/278، الفقرة 17; وA/HRC/8/4 الفقرة 26، بوجه عام، فإن الضحايا الفقراء لا يتوفرون على إمكانية اللجوء إلى القضاء لأنهم لا يملكون الوسائل المادية لتحقيق ذلك، لأن العوامل المالية تكتسب أهمية أكبر عندما تنضاف إليها عوامل اجتماعية أو ثقافية أو وظيفية أخرى وتؤدي إلى التهميش والاقصاء الاجتماعي. ويكتسي الولوج إلى القضاء طابعا شاملا بحيث يمتد إلى تفعيل التمتع بجميع حقوق الإنسان في مجملها. ولا يكفي إتاحة الولوج إلى القضاء، بل ينبغي على الدول كذلك تدليل العقبات القائمة أمام ذلك. (A/67/278، الفقرة 12).
- أكد الفريق العامل في تعليقه العام الخاص بالنساء المتضررات من الاختفاء القسري أنه “يجب على الدول أن تعترف بالعقبات التي تواجهها النساء في الحصول على سبل الانتصاف القضائية الفعالة واتخاذ جميع التدابير المناسبة لإزالتها. وينبغي أن تشمل تلك التدابير القضاء على التمييز فيما يخص ولوج المرأة لمؤسسات الدولة والتي تشمل العوائق اللغوية والاقتصادية والثقافية” (A/HRC/WGEID/98/2، الفقرة. 29). كما عبرت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن قلقها إزاء مطالبة الدول لأسر ضحايا الاختفاء القسري بالاختيار بين الاستفادة من الضمان الاجتماعي أو اللجوء إلى القضاء، وأوصت أن يكون حق اللجوء إلى للقضاء والاستفادة من الضمان الاجتماعي غير مشروطين، إذ إن هذا الشرط يمكن أن يصبح عائقاً أمام الأشخاص الذين هم في حاجة ماسة إلى الدعم الاقتصادي في الولوج إلى العدالة.[35]
- بالإضافة إلى ذلك، كما أبرز المقرر الخاص في مجال الحقوق الثقافية، يتعين تبني تدابير تشمل الجوانب الثقافية التي من شأنها أن تساعد في التعريف بالضحايا (A/HRC/25/49، الفقرتان 47 و66).
ب. التزام الدول بجبر الضرر والمساعدة الاجتماعية الملائمين للأسر التي تعرضت لانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نتيجة للاختفاء القسري
- طبقاً للمادة 19 من الإعلان، “يجب جبر ضرر الأشخاص ضحايا الاختفاء القسري وأسرهم، ولهم الحق في الحصول على التعويض المناسب، بما في ذلك الوسائل الكفيلة بإعادة تأهيلهم على أكمل وجه”. (انظر كذلك A/HRC/16/48/Add.1 الفقرة 45).
- يشمل الحق في جبر الضرر عن الاختفاء القسري الرعاية الطبية والنفسية وضمانات الحصول على عمل أو الملكية. وأقر الفريق العامل في تعليقه العام على المادة 19 من الإعلان تفسيراً موسعاً للحق في جبر الضرر عن أفعال الاختفاء القسري ويشمل “الرعاية الطبية والنفسية وإعادة التأهيل لأي شكل من أشكال الضرر الجسدي أو العقلي وكذلك إعادة التأهيل القانوني والاجتماعي، وضمانات عدم التكرار واستعادة الحرية الشخصية والحياة العائلية والمواطنة ومنصب العمل والممتلكات، والعودة إلى محل إقامة الشخص وأشكال أخرى مشابهة من التعويض والترضية والإصلاح والتي قد تزيل آثار الاختفاء القسري” (E/CN.4/1998/43، الفقرة 68، انظر أيضاً A/HRC/22/45، الفقرات 46 وما يليها). إذا وقعت حالات الاختفاء القسري، تلتزم الدول بتقديم جبر الضرر السريع والملائم والفعال إلى الضحايا. وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 24 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري على أنه “مع عدم الإخلال بالالتزام بمواصلة التحقيق إلى أن يتضح مصير الشخص المختفي، تتخذ كل دولة طرف التدابير اللازمة بشأن الوضع القانوني للأشخاص المختفين الذين لم يتضح مصيرهم وكذلك لأقاربهم، في مجالات مثل الضمان الاجتماعي والمسائل المالية وقانون الأسرة وحقوق الملكية”. ويجب أن تكون التعويضات شاملة وتتضمن النظر في جميع الحقوق المنتهكة. ومن تم، فإن برامج جبر الضرر وتدابيره ينبغي أن تقوم بدراسة كيفية خرق الاختفاء القسري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينبغي أن يتناسب التعويض مع خطورة انتهاك حقوق الإنسان ومعاناة الضحايا (E/CN.4/1998/43، الفقرة 73، وA/HRC/22/45، الفقرة 46 وما يليها).
- يتم تأويل مفهوم جبر الضرر في عدد من الدول حصرياً على أنه تعويض في شكل نقدي بهدف تعويض الأضرار المادية وغير المادية التي لحقت بالضحايا. ولكن جبر الضرر بالنسبة إلى الضحايا لا ينبغي أن ينحصر في التعويض المالي، بل ينبغي أن يشمل الرعاية الطبية والنفسية فضلا عن إعادة التأهيل القانوني والاجتماعي لأي شكل من أشكال الأضرار الجسدية أو العقلية. وينبغي اتخاذ التدابير كذلك لضمان حق أفراد أسر ضحايا الاختفاء القسري في الحصول على المزايا الاجتماعية وغيرها من تدابير الدعم المالي والتي تتضمنن الرعاية الصحية وبرامج التعليم الخاصة والمساعدة النفسية (A/HRC/22/45، الفقرات 53-54 و59). وينبغي أن يتم اتخاذ هذه التدابير في إطار جبر الضرر من جراء انتهاكات حقوق الإنسان التي عانى منها ضحايا الاختفاء القسري.
- وتكون إعادة التأهيل ضرورية بوجه خاص في سياق انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وينبغي وضع تدابير إعادة التأهيل وبرامجه وتيسير وصول الضحايا وأسرهم إليها. وتنص المبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف وجبر أضرار ضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي (المبادئ الأساسية، قرار الجمعية العامة الأساسية 60/147) على أن إعادة التأهيل لابد وأن يتضمن الرعاية الطبية والنفسية وكذلك الخدمات القانونية والاجتماعية،[36]وأخذ الظروف الخاصة والاحتياجات لكل ضحية في الاعتبار عند تقديم العلاج النفسي أو الجسدي. ويمكن أن يكون العلاج شخصيا أو جماعيا أو أسريا.
- تشير المبادئ الأساسية بوجه خاص إلى الاختفاء القسري في سياق تدابير الترضية، مع التأكيد على أن البحث عن مكان تواجد الشخص المختفي ومعرفة هويات الأطفال المختطفين، ورفات المتوفين، والمساعدة في عملية استرداد الرفات وتحديد هويتها ودفنها تتم كلها “وفقاً لرغبة الضحايا الصريحة أو المفترضة، أو العادات الثقافية للأسر والمجتمعات” (المبدأ 22 (ج)).
- بموجب المادة 17 من الإعلان، يتعين على الدول الإقرار بالطبيعة المستمرة لجريمة الاختفاء القسري، والتي ينبغي أن تمتد لمدى تأثير الطبيعة المستمرة للجريمة على إعادة التأهيل الكامل للضحايا. على سبيل المثال، لاحظ الفريق العامل أن الاختفاء القسري للطفل لديه آثار تتعدى لما بعد الوصول إلى سن البلوغ (A/HRC/WGEID/98/1، الفقرة 4). وعلى نفس المنوال، فإن الفريق العامل قد لاحظ في أحد تقارير زياراته القطرية، بالنسبة إلى الاحتياجات الصحية لضحايا الاختفاء القسري، أهمية برامج الرعاية الصحية الشاملة، بالنظر إلى أن مرور الوقت يؤثر على الأوضاع الفردية. ولذا ينبغي أن تعكس هذه البرامج الاحتياجات الصحية المختلفة لضحايا الاختفاء القسري خلال المراحل المختلفة من حياتهم (A/HRC/22/45/Add.1، الفقرة 46). وبعبارة أخرى، فإن جبر الضرر عن انتهاكات الحق في الصحة أو غيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لابد أن يضع في اعتباره الطبيعة المستمرة للاختفاء القسري.
- لاحظ الفريق العامل كذلك أن حق الأطفال في التعليم عادة ما يتأثر بالضرر الناتج عن حالات الاختفاء القسري. ومن تدابير إعادة التأهيل، ينبغي أن تتضمن برامج جبر الضرر حق التعليم للأطفال ضحايا الاختفاء القسري (الفقرة 33 من الوثيقة A/HRC/WGEID/98/1). 33). وقد يتضمن التعويض عن انتهاك الحق في التعليم أيضاً انتهاكات الحقوق الاقتصادية التي تجرد ضحايا الاختفاء القسري من موارد الالتحاق بالجامعة؛ وبرامج تعليم الكبار التي تقدم شهادات أو درجات دراسية لهؤلاء الذين لم يعودوا مؤهلين للالتحاق بالمدارس الابتدائية أو الثانوية، والتدابير التي تسمح للضحايا بالعودة للمدرسة بدون اتمام سنوات التعليم السابقة.
- ويعتبر الحق في العمل مثالاً آخر. ويؤكد هذا الحق، كما يضمنه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التزام الدول الأطراف بضمان حق الأفراد في اختيار العمل أو قبوله بحرية. ويتمثل ذلك الحق في عدم الحرمان من العمل بدون وجه حق (المادة 6). 6). وينبغي توفير تدابير جبر الضرر لفائدة ضحايا الاختفاء القسري بغرض معالجة انتهاك حقهم في العمل والآثار المترتبة على هذه الوضعية. ويتضمن ذلك تدابير جبر الضرر للشخص المختفي الذي فقد وظيفته وراتبه، وكذلك جبر الضرر الذي لحق بأعضاء أسرة المختفي الذين يواجهون صعوبة في إيجاد عمل بسبب المعتقدات الثقافية أو الوصم بالعار أو بسبب الضرر الجسدي والعقلي والنفسي الذي ترتب على الاختفاء. كما ينبغي أن تضمن الدول استمرار دفع راتب الشخص المختفي الذي كان يكسبه لأسرته إلى حين وضع خطة لجبر الضرر كافية ودائمة.
- ينبغي أن يطبق جبر الضرر بمعناه الواسع، ويجب أن يشمل كل ضرر ناتج عن الاختفاء القسري، مثل الضرر الجسدي أو العقلي، والفرص الضائعة والأضرار المادية وفقدان الدخل، والإضرار بالسمعة والتكاليف اللازمة للحصول على المساعدة أو الخبرة القانونية. (A/HRC/22/45، الفقرة 58). وينبغي أن تضع تدابير جبر الضرر في الاعتبار مدى تأثير خسارة الشخص المختفي لمنصب عمله على توقعات حصوله على عمل عند إطلاق سراحه، وأي ضرر مجتمعي أو وصم بالعار من شأنه أن يعيق الشخص المختفي من الاندماج مجدداً في المجتمع.
- على الدول كذلك أن تتخذ إجراءات لتوفير الترضية للضحايا وحفظ ذاكرة الشخص المختفي، مع التوضيح بأنها لن تتساهل أو تسمح باستخدام حالات الاختفاء القسري كوسيلة انتقام في مقابل ممارسة أو تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويمكن تخليد الذاكرة في شكل دورات في المدارس أو الجامعات التي تدرس للطلاب عن الشخص المختفي،[37] واللوحات في الفضاءات العمومية أو النصب التذكارية أو الإجازات القومية في ذكرى الاختفاء. وفي هذا الصدد، أكد المقرر الخاص في مجال الحقوق الثقافية على أهمية وضع الشروط لضمان مقاربة تعددية في تدريس التاريخ وحفظ الذاكرة (A/68/296 وA/HRC/25/49). وتكتسي هذه الإجراءات التي تتخذها الدولة أهمية كبرى لأنها تعترف بضحايا الاختفاء القسري علناً والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المطالب بها.[38] وينبغي أن تسلط جميع السياسات المتعلقة بالذاكرة – كلما كان ذلك مطلوباً – الضوء على الارتباط بين الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينبغي أن توضح مبادرات الذاكرة كيف يشكل انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية سبباً ونتيجة للاختفاء القسري في نفس الوقت.
- فيما يخص الحقوق الثقافية، يتعين أن تأخذ مقاربة جبر الضرر في عين الاعتبار الجانب الثقافي ، كما يجب تصور مخططات جبر الضرر وآلياته بمشاركة الأشخاص والمجتمعات المتضررة، مع الأخذ في الاعتبار لغتهم وقيمهم وعاداتهم وحقهم في المشاركة في السياسات التي تخصهم بالضرورة.[39]
ج. المساعدة الاجتماعية وغيرها من المساعدات
- لابد من تمييز مسألة جبر الضرر والتعويض المالي بوضوح عن التدابير الاجتماعية وغيرها من تدابير الحماية المقدمة للأسرة لتتلاءم مع العواقب الوخيمة لعدم وجود العائل الرئيسي (A/HRC/22/45/Add.2، الفقرة 82) مثل توفير المساعدة القانونية على سبيل المثال للتمكن من اللجوء إلى القضاء للبحث عن مكان تواجد الشخص أو السعي لجبر الضرر.
- ينبغي على الدول كذلك توفير حقوق الضمان الاجتماعي لأسرة الشخص المختفي واتخاذ التدابير الكفيلة لضمان حصول هذه الأسر على الدعم الاجتماعي. ويشمل ذلك الرعاية الصحية وبرامج التعليم الخاصة والمساعدة النفسية بدون تمييز (A/HRC/16/48/Add.1، الفقرة 84). وقد أوصى الفريق العامل ب “إنشاء آليات توفر التعويضات الاجتماعية أو التدابير الاجتماعية والطبية المناسبة لأقارب الأشخاص المختفين فيما يتعلق بالأضرار الجسدية والعقلية والاقتصادية الناتجة عن غياب الشخص المختفي” (A/HRC/22/45 Add.2، الفقرة 83)، مع التأكيد على أنه – بموجب المادة 19 من الإعلان – لا يجوز بأي حال من الأحوال اعتبار قبول الدعم المالي من طرف أفراد الأسر تنازلاً عن الحق في جبر الضرر السريع والملائم المترتب عن الاختفاء القسري (المرجع السابق، الفقرة 84).
- في بعض الدول، لا يحق إلا للمعيل الحصول على التأمين الاجتماعي. وإذا وقع هذا الشخص ضحية اختفاء قسري، فإن الأسرة تفقد الاستفادة من التأمين ويسوء وضعها الاقتصادي. لابد إذن أن يتم وضع إطار تشريعي ينص على أثر الاختفاء القسري على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأقارب الشخص المختفي. وينبغي على الدول تبني التدابير المناسبة لضمان أن الأسرة و/أو المعالين الآخرين لأحد الأشخاص الذين اختفوا تستمر في الحصول على الراتب والتأمين الاجتماعي والحصول على الخدمات الصحية، ولحماية هذه الحقوق وضمانها على الوجه الصحيح وفق ما يلزم. فعلى سبيل المثال، يجوز أن تتطلب حماية الحق في السكن معرفة الحساب البنكي للمختفي، وإيقاف إجراءات الرهن، والولوج إلى القروض الخاصة به. ويجوز ضمان حق الاطلاع على الحسابات البنكية بطريقة غير مباشرة للسماح إلى أسر المختفين باستخدام الأصول عند حماية مصالح الشخص المختفي. ووفقاً لما ورد عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر:
ينبغي حماية المصالح القانونية للشخص المفقود بالقدر الكافي من خلال تعيين ممثل مناسب عنه. ويمكن تحرير التعيين كتابة في حالة إعلان الغياب … ويجوز أن يكون هناك شخص مناسب مثل الزوج أو الوالد الذي يمكنه التعامل مع هذه المسائل وحده بشرط أن تكون القدرة على أداء ذلك مشمولة بالإقرار الرسمي من خلال التسجيل الكتابي أو غير ذلك.[40]
- يجب أن تكون الخدمات المقرر تقديمها ملائمة وجيدة مما يعني ملاءمتها وفق الاحتياجات الخاصة والقيم الثقافية للسكان، ويشمل ذلك الاحتياجات الصحية والتعليم والإسكان وغيرها من احتياجات الأشخاص المختفين وأقاربهم.
خامساً الخلاصات والتوصيات
- تتناول هذه الدراسة عدم قابلية التجزئة بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق المدنية والسياسية في حالات الاختفاء القسري.
- تنتهك جريمة الاختفاء القسري، بطبيعتها، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشخص المختفي وأسرته والآخرين. فضلاً عن ذلك فإن الأشخاص الذين لا يمكنهم التمتع الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يتعرضون، في حالات عديدة، لخطر الاختفاء القسري.
- إن الأشخاص الفاعلين في مجال تعزيز التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو ممارستها يصبحون، في كثير من الأحوال، ضحايا محتملين للاختفاء القسري. وفي تلك الحالات، يستخدم الاختفاء القسري كأداة لمنع الفاعلين من تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارستها ويؤدي ذلك الردع إلى انتهاك حقوق المختفي والآخرين المشاركين في الأنشطة ذات الصلة والمجتمع الأوسع بسبب التأثير المثبط لحالات الاختفاء القسري.
- بموجب الإعلان، تلتزم الدول بالحماية من الاختفاء القسري والقضاء عليه وتقديم التعويضات لجميع ضحايا الاختفاء القسري مع مراعاة الارتباط الحقيقي بين حالات الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- تعد الحماية من الاختفاء القسري أحد العناصر الأساسية لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي المقابل، تعد حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في نفس الوقت، أحد العناصر الأساسية لمنع حالات الاختفاء القسري. وتتطلب الإجراءات الفعالة للحماية من الاختفاء القسري والقضاء عليها نهجاً شاملاً يتضمن التعزيز والحماية المناسبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- لا تدعي الدراسة أنها تغطي كافة القضايا المتعلقة بالارتباط بين الاختفاء القسري من جهة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى، بل حاولت تقديم إطار عمل تحليلي أولي حول كيفية التأكيد على ذلك الارتباط وكيفية تناوله من منظور شمولي.
- بناء على ما سبق، يقدم الفريق العامل التوصيات المبدئية التالية للدول التي من المقرر أن تؤطر الحوار والحلول. ولا تمثل التوصيات المقدمة نموذجاً برامجياً كاملاً، بل تهدف إلى تقديم أمثلة حول كيفية تبني الإجراءات التي تربط بين حالات الاختفاء القسري وانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبناءً على هذه الاعتبارات، يوصي الفريق العامل أن تقوم الدول بما يلي:
(أ) تبني الإجراءات الإدارية والقضائية والتشريعية بهدف حماية وتعزيز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأشخاص المتضررين، ولاسيما من يعيشون في الفقر، كإجراء وقائي تجاه الاختفاء القسري.
(ب) تسهيل الولوج إلى العدالة لفائدة المجموعات المتضررة بهدف الحد من الإفلات من العقاب في حالات الاختفاء القسري ومنع تكرارها.
(ج) تمكين الأشخاص المختفين الناجين من إجراءات مصاحبة ملائمة مثل التدريب المهني، لتمكينهم من إعادة الاندماج في الحياة الاجتماعية والثقافية واستعادة الوظيفة بمجرد توقف الاختفاء.
(د) تقديم الرعاية الطبية فيما يخص الصحة العقلية والبدنية، للضحايا فيما يتعلق بأية إصابات أو أمراض يتعرضون لها نتيجة للاختفاء القسري بما في ذلك الاضطرابات النفسية الناتجة عن الصدمة ؛
(هـ) ضمان المساعدة الاجتماعية بهدف دعم العائلات بعد اختفاء “العائل الرئيسي“.
(و) اتخاذ إجراءات للوقاية من الوصم الاجتماعي والعزلة وتداركها لدى الأشخاص المختفين وأسرهم من خلال حملات التحسيس والتوعية وغيرها من الإجراءات الأخرى ذات الصلة.
(ز) حذف النصوص الموجودة في القوانين والسياسات، وإيقاف تنفيذها، إذا كانت تمنع عائلات المختفين من الحصول على حقهم في السكن الملائم والحفاظ عليه.
(ح) ضمان أمن أسر المختفين في مساكنهم وأراضيهم، بغض النظر عن نوع الحيازة، ضد الطرد القسري والتهديدات والتحرش.
(ي) تبني إجراءات مانعة ووقائية لضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون على تعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من التهديدات وعمليات التخويف والأعمال الانتقامية بما في ذلك تصنيفهم كتمردين أو إرهابيين.
(ك) التحقيق بشأن حالات الاختفاء القسري للمدافعين عن حقوق الإنسان العاملين على تعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومعاقبة مرتكبيها. ويجب أن يتضمن التحقيق تحليلاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تم خرقها نتيجة للاختفاء القسري، بالإضافة إلى ملابسات الاختفاء القسري في حد ذاته. وعلى نفس المنوال، يجب التحقيق على نحو مناسب عند وقوع حالة اختفاء انتقاماً من ممارسة الحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، ومعاقبة مرتكبيها؛
(ل) تقديم جبر الضرر الفوري والمناسب والفعال عن انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الناجمة عن الاختفاء القسري.
(م) التفريق الواضح بين جبر الضرر الشامل وإجراءات الحماية الاجتماعية والإجراءات الأخرى التي يجب توفيرها للعائلات للتغلب على العواقب الوخيمة الناجمة عن غياب العائل الرئيسي.
(ن) ضمان مساهمة سياسات حفظ الذاكرة في جبر الضرر الرمزي والاعتراف الرسمي بضحايا الاختفاء القسري على نحو يلبي احتياجاتهم ويساهم في تعافيهم.
- يشجع الفريق العامل جميع الأطراف المعنية على دراسة الارتباط بين حالات الاختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصورة أفضل.
[1] انظر، على سبيل المثال، إعلان وبرنامج عمل فيينا الذي اعتمده المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا، بتاريخ 25 يونيو/حزيران 1993، الفقرة 5.
[3] E/CN.4/1492، الفقرة 165. وفي أحد التقارير القُطرية (E/CN.4/2006/56/Add.1، الفقرة 59)، كان هذا الأمر جلياً على وجه الخصوص: “ويرتبط أحد جوانب الاختفاء، الذي لم يتم تناوله بالقدر الكافي في السابق وما زال قائماً حتى الوقت الحالي، بطريقة ارتكاب أعمال الاختفاء بجانب الانتهاكات الجسيمة الأخرى، مع استقاء الأهداف من بين المجموعات الضعيفة في المجتمع. وقد تم تلقي العديد من الشهادات بشأن هذه الظواهر. ومن بين الأمثلة الشائعة التي وجهت إلى عنايتنا: حالات الاختفاء المقترنة بـ”التطهير العرقي” [….]، وحالات الاختفاء المقترنة لاحقاً بعمليات الإعدام […]؛ وحالات الاختفاء المقترنة بالتشريد القسري (الذي يقع عادة في المناطق القروية، ويتمثل الغرض منها في تجريد الضحايا من أراضيهم وممتلكاتهم)؛ وحالات الاختفاء المقترنة بالاغتصاب وأشكال العنف الجنسي […] وحالات الاختفاء المقترنة بالتجنيد الإجباري (الموجه نحو الأطفال)”.
[4] انظر على سبيل المثال A/HRC/13/31/Add.1، الفقرة. 47–66 و107؛ A/HRC/16/48/Add.1، الفقرة. 39–48 و83-85؛ A/HRC/22/45/Add.1، الفقرة. 44–48 والصفحة 18.
[5] اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الفقرة 8، البيان المعتمد من قبل لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: بتاريخ 4 مايو/أيار 2001، E/C.12/2001/10.
[6] لجنة توضيح الملابسات التاريخية في غواتيمالا، التقرير النهائي، ذاكرة الصمت، الفقرة 2158 (موضحة أن: “إن القدر الكبير من الضعف الذي يعاني منه من سكنوا في المناطق القروية الناجم بصورة أساسية بسبب عرقهم وفقرهم وغياب المؤسسات المدنية العامة التي تضمن حماية حقوقهم، وفر فرصاً أكبر للدولة لتنفيذ عمليات قمع واسعة وغير محدودة”)
[7] لجنة الحقيقة والمصالحة في بيرو، التقرير النهائي – الاستنتاجات العامة (2003)، الفقرة 4, 9. يسلط هذا التقرير أيضاً الضوء على كيف أن 85 بالمائة من الأشخاص المختفين عاشوا في فقر حيث عاشوا في مجتمعات فقيرة تمثل 9 بالمائة فقط من دخل جميع العائلات في تلك الدولة.
[9] المرجع نفسه، الفقرة 5. انظر أيضا A/HRC/8/4، الفقرة. 26.
[10] المرجع نفسه، الفقرة 17. انظر أيضا A/HRC/8/4، الفقرة. 25.
[13] انظر على سبيل المثال حالة السيد بورلاجي “بيلي” راكونغماريون وهو أحد قادة المجتمع لسكان كارين الأصليين في قرية يانغكلوبون، بالقرب من ديقة كاينغكراكان الوطنية في تايلند، الذين تعرضوا للاختفاء بعد اعتقاله لفترة قصيرة في 17 إبريل 2014 من قبل سلطات الحديقة بحجة أنه كان يحمل عسل نحل بري. وكما هو الحال مع الحدائق الوطنية الأخرى في شمال تايلندا، تفيد التقارير أن أفراد شعب الكارين الذي كان يعيش في المنطقة قبل إنشاء الحديقة، يتم إخلاؤهم قسرياً من أراضي أجدادهم باسم “المحافظة”. انظر مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، “إننا لسنا خائفين، نحن المدافعون على حقوق الأرض، تعرضنا للهجوم لمواجهة عمليات التطوير غير المنضبط”. كما أن حالة السيد بورلاجي ما زالت معلقة لدى الفريق العامل (A/HRC/WGEID/103/1، الفقرة 174).
[14] A/HRC/WGEID/98/1، الفقرة.3: “إذا كان وكلاء الدولة متورطون أو يدعمون المجموعات الخاصة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو يوافقون أو يقبلون أنشطة المؤسسات الجنائية في اختطاف الأطفال المهاجرين أو الاتجار بالأطفال، ولاسيما لغرض عمالة الأطفال أو الاستغلال الجنسي أو نقل أعضاء الطفل، فقد يعتبر ذلك، في ظروف محددة، إخفاءً قسرياً. كما أن الأطفال الذين يعيشون في الشوارع و/أو الذين يعملون في الشارع والأطفال الذين تم إيداعهم في مؤسسات الرعاية قد يكونون أكثر عرضة للمخاطر بصورة خاصة ومن المحتمل أن يصبحوا ضحايا للاختفاء القسري. كما أن التجنيد الإجباري للجنود من الأطفال يعرضهم لإمكانية الاختفاء القسري ولاسيما عند تجنيدهم من قبل المجموعات المسلحة بمعزل عن القوات العسكرية النظامية للدولة إلا أنهم يعملون بدعم الدولة أو موافقتها أو قبول ضمني من جانبها.
انظر أيضاً محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، قضية “أطفال الشوارع” (فيليغران – موراليس وآخرون) إصدار غواتيمالا، حكم 19 نوفمبر 1999 (الوقائعي)
[15] انظر اليونيسيف، وجامعة لانوس الوطنية، الأرجنتين، “الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأطفال المهاجرين والأطفال المولودين لأبيون مهاجرين: التحديات والممارسات الجيدة والتوصيات” (2010)، متاحة عبر http://www.ohchr.org/Documents/Issues/MHR/Consultation2010/3a.UNICEF_ESCR_Migrants.pdf.
[17] انظر E/CN.4/1983/14، الفقرة. 135: “بعد الظهور مرة أخرى، قد يجد الشخص المفقود في السابق نفسه عرضة للريبة وانعدام الثقة وقد يجد نفسه مجبراً على الاعتماد على المؤسسات الخيرية من أجل لقمة العيش.”
[18] انظر المحكمة الدستورية في كولومبيا، حكم رقم T-1001/10 (6 ديسمبر 2010)؛ المحكمة الدستورية في كولومبيا C-400/03 (20 مايو 2003).
[19] تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة بشأن جنوب أفريقيا، المجلد 5 (1998)، متاح عبر http://www.justice.gov.za/trc/report/finalreport/Volume5.pdf.
[20] مولينا-ثيسين ضد غواتيمالا، حكم المحكمة في موضوع الدعوى، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، الفقرة 40(13) (4 May 2004)، متاح من خلال http://www.corteidh.or.cr/docs/casos/articulos/seriec_106_ing1.pdf.
[21] E/CN.4/1983/14، فقرة 136، نقلاً عن تقرير معد من قبل المؤتمر الأمريكي اللاتيني الثاني لأقارب الأشخاص المفقودين (كاراكاس، 24-23 نوفمبر 1981): “ووفقاً للتقرير فإن رد فعل الأقارب حيال الاختفاء يمر بعدة مراحل؛ أولها التقاعس عن اتخاذ أي إجراء بسبب الخوف أو خشية الأعمال الانتقامية وعدم التيقن مما إذا كانت الإجراءات التي يقومون بها بحثاً عن قريبهم المفقود قد تؤدي إلى موته. وتتمثل المرحلة الثانية في المحاولة الفردية للبحث عن الشخص المفقود بينما تكون المرحلة الثالثة اتخاذ إجراء جماعي. كما لوحظت مشاعر اليأس وغالباً ما يكون للأقارب مشاعر عميقة بالذنب إما بسبب اعتقادهم بأنهم كانوا مسؤولين عن الاختفاء أو أنهم لم يقوموا بالبحث على نحو كافٍ عن الضحية. وقد تكون النتيجة الجمود والانطواء الاجتماعي للأقارب كما قد يؤدي إلى تمزق وحدة ما تبقى من العائلة”.
[22] انظر أيضاً محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، قضية تشيتاي نيش وآخرون ضد غواتيمالا، 7 إبريل 2000.
[23] E/CN.4/2006/56/Add.1، فقرة. 55 (تصنيف النقابات العمالية كأحد الأهداف الرئيسية للاختفاء)؛ A/HRC/13/31/Add.1، فقرة. 18 (مع الإشارة إلى أن غالبية حالات الاختفاء القسري حدثت فيما بين عام 1972 و1980 وأن بعض الأشخاص الذين اختفوا كانوا طلاباً ونقابيين بينما كان الآخرون صحفيين أو أعضاء في الأحزاب السياسية المعارضة)؛ A/HRC/19/58/Add.2، الفقرة. 66 (مناقشة حالات اختفاء المدافعين عن حقوق الإنسان)؛ A/HRC/WGEID/103/1، الفقرة. 174; A/HRC/WGEID/102/1، الفقرة. 81–82 و89؛ وA/HRC/WGEID/101/1، الفقرة. 37.
[24] وفي هذه الفئة، هناك حالة بارزة لسومباث سومفون، وهو أحد نشطاء حقوق الإنسان الذين يعملون على قضايا مصادرة الأراضي ومساعدة الضحايا في إدانة تلك الممارسات، الذي اختفى في جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية بتاريخ 15 ديسمبر 2013. وبعد مرور عامين على اختفائه، لا يزال مصيره ومكان وجوده غير معلومين. انظر A/HRC/WGEID/100/، الفقرة. 45; ,A/HRC/WGEID/103/1، الفقرة. 137.
[25] انظر أيضاً البيان الصحفي للفريق العامل بالاشتراك مع الآخرين المكلفين بولايات، “مضى عام على الاختفاء القسري لسومباث سومفون دون عقاب لأحد، جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية” يتوفر من خلال
http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=14103& (مع الإشارة إلى التأثير المثبط لاختفاء أحد المدافعين عن حقوق الإنسان على المدافعين الآخرين في الدولة).
[26] انظر كاواس-فيرنانديز ضد هوندوراس، الوقائع، التعويضات والتكاليف، الحكم، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (ser. C) رقم 196، فقرة. 140 (3 إبريل 2009)، (وصف اختفاء أحد دعاة حماية البيئة باعتباره “انتهاكاً لحرية التجمع من وجهة نظر جماعية”)
[27] انظر كانتورال – هوماني وجراسيا سانتا كروز ضد بيرو، تقديم الدفوعات الأولية، الوقائع، التعويضات والتكاليف، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (ser. C) رقم 167، فقرة. 148 (10 يوليو 2007) (وصف الأثر الترهيبي لاختفاء أحد رؤساء الاتحادات على العاملين الآخرين).
[28] لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التعليق العام رقم 21 على “حق الجميع في المشاركة في الحياة الثقافية” (المادة. 15، الفقرة 1(أ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، الفقرة 36 (21 ديسمبر 2009)، E/C.12/GC/21.
[29] الملاحظات الأولية للجنة حقوق الإنسان للبلدان الأمريكية بعد زيارة الفريق العامل المعني بحقوق المنحدرين من أصل أفريقي وضد التمييز العنصري إلى جمهورية كولومبيا، الفقرة 60، متاح من:
http://www.cidh.oas.org/countryrep/ColombiaAfrodescendientes.eng/ColombiaAfros2009cap3-4.eng.htm: “في الحالات التي استهدف فيها أعضاء من المجتمعات في هجمات نتيجة للدفاع عن الحقوق الجماعية في الأرض ومعارضة احتلال أراضيهم من قبل الأشخاص الذين لديهم مصالح اقتصادية أو الأطراف المتنازعين، تواجه الأسر أو أعضاء المجتمع خطرا إضافيا أو يتم منعهم سوياً من القيام بالدفن الملائم وإقامة الرِّقبة عند رأس الميت وغيرها من الممارسات الجنائزية.
[32] الإعلان، المادة 21: “يتم العمل بأحكام الإعلان الحالي دون إخلال بالأحكام الواردة في الإعلان العالمي لحصول الإنسان أو أية صكوك دولية أخرى ولا تفسر على أنها تقيد أو تنتقص من أي من تلك الأحكام”
[33] انظر قضية هوليكا تكسي ضد بيرو ، الوقائع والتعويضات والتكاليف والحكم، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (الدائرة ج) رقم. 121، 3 مارس 2005، الفقرة 7.
[34] مفوضية حقوق الإنسان، المبادئ والمبادئ التوجيهية المتعلقة بوضع نهج يستند إلى حقوق الإنسان لاستراتيجيات الحد من الفقر وثائق الأمم المتحدة HR/PUB/06/12، الفقرات 21، 24، 75-79 (تحديد إجراء مساءلة كآلية تجعل المكلفين بأداء الواجبات يُحاسبون على أفعالهم أو تقصيرهم فيما يتعلق بواجباتهم”).
[35] لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادتين 16 و17 من العهد، E/C.12/DZA/CO/4، الفقرة 15 (21 مايو 2010): “تشعر اللجنة بالقلق إزاء جعل حق أسر ضحايا الاختفاء في استحقاقات الضمان الاجتماعي، ومنها المعاش ومزايا تعليم الأطفال مشروطاً على حصول الأسرة على حكم محكمة بوفاة الشخص المختفي”.
[36] المبدأ 21. في قضية باريوس ألتوس (تشومبيبوما أغيرا وآخرون ضد بيرو)، 2001، الفقرة 40، أقرت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان الاتفاقية التي وقعتها الدولة والضحايا والتي ورد فيها أن الدولة تقر التزامها بتوفير الإجراءات التشخيصية والأدوية والمساعدة المتخصصة والعلاج في المستشفيات والجراحات والولادة وتأهيل الصدمات والصحة العقلية.
[37] انظر قضية هوليكا تكسي ضد بيرو، الوقائع والتعويضات والتكاليف والحكم، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (الدائرة ج) رقم. 121، 3 مارس 2005، الفقرة 31.
[38] انظر A/HRC/22/45، الفقرات 53 و64 و66.
[39] المرجع نفسه، الفقرة 68. انظر أيضا A/HRC/25/49 على سبيل المثال، الفقرة. 41.
[40] لجنة الصليب الأحمر الدولية، المبادي التوجيهية والقانون النموذجي بشأن المفقودين (جنيف، 2009) صفحة 20.
المصدر: https://daccess-ods.un.org/access.nsf/Get?OpenAgent&DS=A/HRC/30/38/Add.5&Lang=A