تستحوذ الألعاب الأولمبية والبارالمبية، مرّة كل بضع سنوات، على خيال الكثيرين حول العالم. فمن خلال الربط بين الناس من جميع أنحاء العالم، يمكنها تحدي الصور والقوالب النمطية والاحتفاء بالروح الإنسانية الرائعة.
وقد أعلن مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في كلمة افتتاح الحوار التفاعلي في جنيف قائلًا: “ليس عالم الرياضة بمنأى عن التحديات التي تهدّد حقوق الإنسان، بما في ذلك خلال الفعاليات الضخمة.”
وتابع قائلًا: “عندما يستخدم الرياضيون صوتهم لتعزيز المساواة في الرياضة، يصبحون في الواقع مدافعين عن حقوق الإنسان. ويجب دعم هؤلاء الرياضيين وحمايتهم، بنفس الطريقة التي ندعم فيها جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، ومن خلال ضمان أن تتاح لهم سبل التعبير عن رأيهم علنًا والتماس الإنصاف، بكلّ أمان ومن دون خوف من ردود الفعل الانتقامية.”
وتُعتَبَر ممارسة الرياضة بمنأًى عن أي تمييز من أي نوع، حقًا من حقوق الإنسان بموجب المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأضاف تورك أن الرياضة يجب أن تشكّل مساحة تمكّن كلّ فرد، بغض النظر عن خلفيته، من المشاركة والتألّق وتحقيق النجاح.
كما أنّ الميثاق الأولمبي ينصّ على عدم التمييز، وقد اعترفت اللجنة الأولمبية الدولية بأن الهيئات الرياضية تتحمل مسؤوليات في مجال حقوق الإنسان.
أمّا مجلس حقوق الإنسان فاعترف من جهته بتعزيز حقوق الإنسان من خلال الرياضة والمثل الأعلى الأوليمبي عبر جملة أمور منها على سبيل المثال لا الحصر، قرار مجلس حقوق الإنسان 54/25 من أجل عالم لممارسة الرياضة خالٍ من العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، الذي تساهم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في تنفيذه.
إلاّ أنّه لا بدّ من بذل المزيد من الجهود الحثيثة من أجل ضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وعدم التمييز والشمول في الرياضة. إذ لا يزال الكثير من الناس يواجهون تحديات شتّى في ممارسة حقهم في المشاركة في الرياضة، بمن فيهم الرياضيون الذين يعيشون في فقر والرياضيون الذين يجاهرون بآرائهم والرياضيون ذوو الإعاقة واللاجئون ومجتمع الميم-عين والنساء والشعوب الأصلية.
وتتعاون المفوضيّة السامية مع مختلف الجمعيات والجهات الفاعلة الرياضية، وقد دخلت مؤخرًا في شراكة مع منظمة المجتمع المدني المعروفة “بالرابطة العالمية للرياضيين المحترفين” بغية مساندتها في تمكين الرياضيين من استخدام آليات حقوق الإنسان لتعزيز حقوقهم. والرابطة العالمية للرياضيين المحترفين هي الصوت الرائد للاعبين المُنَظَّمين في حوكمة الرياضة العالمية، ويشارك فيها 85,000 رياضي في مختلف الرياضات الاحترافية عبر أكثر من 100 منظّمة للرياضيين في أكثر من 60 دولة.
وتسعى بعض شركات الأعمال المنخرطة في عالم الرياضة إلى مواءمة ممارساتها مع مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وقد شجعت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان مختلف الجهات الفاعلة في مجال الرياضة على مواءمة ممارساتها معها.
وأكّد تورك قائلًا: “يمكننا معًا أن نساهم في تعزيز وعد حقوق الإنسان والرياضة المتمثّل في توحيد أسرتنا البشرية وتعزيز ثقافة السلام.”