تستنكر الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان، بأشد العبارات مقتل الموقوف بشار عبد السعود وتعرب عن قلقها البالغ إزاء المعلومات والصور المتداولة حول ظروف مقتله جرّاء التعذيب الوحشي الذي تعرض له أثناء التحقيق معه من قبل مكتب بنت جبيل الإقليمي التابع لجهاز أمن الدولة في سرايا تبنين في جنوب لبنان.
وقالت الهيئة أنه بالاستناد إلى صلاحياتها بموجب القانون رقم 62 /2016 (إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب) تاريخ 27 تشرين الأول 2016 وتعديلاته، لا سيما المادّة 25، طلبت لجنة الوقاية من التعذيب المنشأة بموجب القانون 62 من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات اطلاعها على مضمون وسير الإدعاء أو الدفوع المقدّمة للجهات القضائية أو التأديبية أو الإدارية في هذه الجريمة، والتي تثبت أن أجهزة إنفاذ القانون في لبنان لا تزال تطبق ممارسات محظورة يفترض انها اقلعت عنها بموجب الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية وبرامج التدريب والتأهيل ومدونات السلوك التي خضع لها ضباطها وافرادها.
وذكرت الهيئة بموجبات المادة التي تلزم بأن يبلغ كل قرار قضائي أو تأديبي صادر في قضايا التعذيب أو ضرب من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة للجنة من قبل الجهة التي اتخذته، وذلك خلال مهلة شهر من تاريخ صدوره.
ولفتت الهيئة إلى أن مشاهد التعذيب الوحشية المرتكبة ضد الموقوف عبد السعود تعيد التذكير بخطورة ثقافة الإفلات من العقاب التي يتحمل القضاء اللبناني دورا أساسياً في تكريسها، بسبب عدم تطبيقه القانون رقم 65 / 2017 (معاقبة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة) تاريخ 20 أيلول 2017.
وذكرت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بالتوصيات التي أصدرتها لجنة الوقاية من التعذيب إثر زيارة عدد من أماكن الحرمان من الحرية ومن ضمنها مركز الاحتجاز المركزيّ التابع لأمن الدولة في الجناح – بيروت والتي تضمنها التقرير الذي سلمته الهيئة إلى لجنة الأمم المتحدة الفرعية للوقاية من التعذيب، والذي توصل إلى خلاصات ابرزها ان اعمال تعذيب ممنهج لا تزال تمارسها الاجهزة الأمنية ومن ضمنها جهاز امن الدولة.
وخلصت الهيئة في بيانها إلى تقديم هذه التوصيات العاجلة:
تجميد جميع اعمال التحقيق في جميع المكاتب الإقليمية التابعة لجهاز أمن الدولة وحصرها بمركز الاحتجاز المركزيّ في المديرية العامة في الجناح باشراف القضاء المختص، مع مراعاة الالتزام الصارم بتطبيق القانون رقم 191 الذي يرمي الى تعزيز الضمانات الأساسية وتفعيل حقوق الدفاع في قانون أصول المحاكمات الجزائية، لا سيما المادة 47 من القانون التي تكرس الحقوق الآتية للمشتبه بهم: الحق بحضور المحامي خلال الاستجواب او الاستماع الى اقوال المشتبه به وبسرية المقابلة بينهما قبل التحقيق، تحديد ماهية الطبيب الذي يحق للمشتبه به أن تتم معاينته من قبله على أن يكون طبيب شرعي، إلزامية الاستعانة بمترجم للأجانب وبسرعة، النص على مبدأ السرعة في الاستماع الى الاقوال، أحاطت المشتبه به علما بالشبهات القائمة ضده واطلاعه على الأدلة المتوافرة لديه، الزامية تصوير إجراءات الاستماع/ الاستجواب كضمانة إضافية لجهة منع التعرض للتعذيب ولمصداقية التحقيق وكوسيلة إثبات للمشتبه بهم لجهة عدم مراعاة الضمانات الأساسية ما يرتب على ذلك من نتائج قانونية على صعيد بطلان المحضر والإجراءات اللاحقة له.
مطالبة مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات احالة هذه الجريمة إلى قاضي التحقيق العدلي وليس العسكري والالتزام بالتطبيق الصارم للقانون رقم 65 الذي ينص على تجريم التعذيب ومعاقبة مرتكبيه. لا سيما المادة 24 الفقرة (2) والفقرة (3) مكرر من أصول المحاكمات الجزائية المضافة بموجب القانون رقم 65 والتي حددت أصول خاصة للاستقصاء والتحقيق في جرائم التعذيب خصوصاً لجهة تولي قاضي التحقيق الناظر في الدعوى بنفسه القيام بجميع إجراءات التحقيق في شأن الأفعال المنصوص عليها في المادة 401 من قانون العقوبات، دون استنابة الضابطة العدلية أو أي جهاز أمني آخر للقيام بأي إجراء باستثناء المهمات الفنية.
مطالبة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ووزيري المالية يوسف خليل والعدل القاضي هنري خوري وقف الممارسات التعسفية بحق الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب من خلال الامتناع عن توقيع مراسيمها التنظيمية ومرسوم نقل اعتماد لحاسبها من الموازنة العامة ومحاولة تكريس سلطة وصاية على عملها. ودعوة حكومة تصريف الاعمال الى استكمال دورها، دون مماطلة او ابطاء، في تفعيل الهيئة، وإقرار جميع مراسيمها التنظيمية لاسيما نظامها الداخلي والمالي ومخصصات اعضائها وتخصيص مقر لائق لتسيير أعمالها، لتكون مستقلّة عن أي سلطة، ولكي تتمكن من الاضطلاع بفعالية بولايتها المتمثّلة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة للجميع، على النحو المبيّن في إعلان وبرنامج عمل فيينا، وعلى القيام بذلك وفقًا لمبادئ باريس؛ ووفقًا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.