رحبت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء اللبناني أمس والذي يقضي بتكليف وزارة الخارجية تقديم إعلان إلى مسجل المحكمة الجنائية الدولية بقبول اختصاص المحكمة بالتحقيق والملاحقة القضائية في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، 2023.
وقال رئيس الهيئة الدكتور فادي جرجس” أوصت الهيئة منذ تأسيسها بضرورة مصادقة البرلمان اللبناني على معاهدة روما ليصبح عضواً فاعلاً في محكمة الجنايات الدولية. ونأمل أن يشكل قرار مجلس الوزراء خطوة تمنح مدعي عام المحكمة إمكانية التحقيق في مختلف جرائم الحرب والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ بداية الاعتداءات والى اليوم”.
وكان وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري اقترح على مجلس الوزراء إعتماد التقرير الصادر عن “المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي”، حول استشهاد الصحافي عصام عبدالله، كمستند رسمي تضمه وزارة الخارجية إلى الشكاوى المقدمة أمام الأمم المتحدة. وقرّر مجلس الوزراء تبني الاقتراح رسمياً، وتكليف الخارجية اللبنانية تقديم ما يمكن من شكاوى أمام الهيئات والمنظمات الدولية بالإضافة إلى التقدم بطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية بقبول اختصاصها في التحقيق والملاحقة القضائية بكافة الجرائم التي ارتكبت بحق الصحافيين، ومسعفي ومتطوعي الدفاع المدني من قبل إسرائيل. وعلى أن تلتزم الحكومة اللبنانية بالتعاون مع المحكمة وفقاَ للفصل التاسع من نظام روما.
وتنص المادة 12 من نظام روما الأساسي على أنه يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث طرفاً في نظام المحكمة الأساسي أو قبلت باختصاص المحكمة. وإذا كان قبول دولة غير طرف في نظام المحكمة أساسي لازماً، جاز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث، وان تتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء.
منذ بداية العدوان الاسرائيلي في تشرين الاول 2023 استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي المدنيين في جنوب لبنان ممّا أدّى إلى إصابة العديد منهم واستشهاد من بينهم صحافيون. ففي 13 تشرين الثّاني تمّ استهداف فريق عمل رويترز في جنوب لبنان ممّا أدّى إلى استشهاد الصحافي عصام عبداللّه. أما الضربة الثانية فقد أدت إلى اشتعال مركبة قناة الجزيرة، وهي سيارة تويوتا بيضاء، التي كان يقف بجوارها المراسل، مما أدى إلى إصابة صحفيي الجزيرة كارمن جوخدار وإيلي براخيا. وكذلك زميلهم في وكالة فرانس برس ديلان كولينز. وقبل ذلك بخمسة أيام، في 9 تشرين الأول، تعرض صحفيو الجزيرة لهجوم مماثل في قرية الضهيرة بجنوب لبنان، وبحسب شهاداتهم، حلقت فوقهم مروحية إسرائيلية قبل أن يسقط صاروخ بجوار سيارتهم التي تحمل أيضاً كلمة “صحافة”. كما تم قتل الصحفيَّين ربيع المعماري وفرح عمر وسائقهما حسين عقيل في قصف إسرائيلي على قرية طير حرفا، في جنوب لبنان، التي تبعد نحو 2.3 كيلومتر عن مكان مقتل عصام عبد الله.
رفعت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان مع أكثر من 120 جهة محلية ودولية كتابين رسميين إلى كل من المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، والمديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، للمطالبة بتحقيق مستقل في استهداف إسرائيل للصحافيين في لبنان، وقتل كلّ من مصور “رويترز” عصام عبدالله ومراسلة “الميادين” فرح عمر ومصور “الميادين” ربيع المعماري، بالإضافة إلى إصابة صحافيين آخرين، من بينهم كارمن جوخدار وإيلي برخيا (الجزيرة) وكريستينا عاصي وديلان كولينز (فرانس برس) وماهر نزيه وثائر السوداني (رويترز).
حدد الموقعون في الكتاب الموجه إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، انطلاقاً من مسؤوليته لتعزيز حقوق الإنسان في العالم، المطالب الثلاث: (1) إجراء تحقيق مستقل عبر خبراء مستقلين في مجال حقوق الإنسان يعنهم مكتبه للكشف عن الحقائق المتعلقة بهذه الاستهدافات ونشر تقرير يحدد المسؤوليات، (2) وذكر هذه القضية في بيانه الافتتاحي في جلسة آذار لمجلس حقوق الإنسان.
وطالب الموقعون في الكتاب الموجه إلى المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، انطلاقاً من مسؤوليتها في تعزيز سلامة الصحافيين ومكافحة إفلات من يستهدفهم من العقاب، أن تقوم بالإجراءات التالية: (1) إدانة استهداف إسرائيل للصحافيين في جنوب لبنان، تحديداً في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والدعوة إلى محاسبة إسرائيل عن جرائم الحرب هذه، (2) دعم الطلب الموجه للمفوض السامي لحقوق الإنسان لإجراء تحقيق مستقل في القضية، (3) وضم قضيتي عصام عبدالله وفرح عمر وربيع المعماري إلى مرصد اليونيسكو لجرائم قتل الصحافيين لتتبع الإجراءات المتخذة لمعاقبة الجناة وإحقاق العدالة.
وقالت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب في رسالة تم توجيهها من قبل أكثر من منظمة محلية ودولية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وقائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الجنرال أرولدو لازارو ساينز، والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانّا فرونِتسكا، ووكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيار لاكروا، إن على اليونيفيل نشر نتائج تحقيقها في الضربتين الإسرائيليتين على مجموعة صحفيين في جنوب لبنان في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023. أسفر القصف عن مقتل صحفي من وكالة “رويترز” عصام عبد الله وجرح ستة إعلاميين آخرين. قال فادي جرجس، رئيس الهيئة : “يجب أن لا تصمت القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان مكتوفة الأيدي حيال انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني والقصف وإطلاق النار المتعمد الذي نفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من مناسبة ضد الأطقم الصحفية ما ادى الى وقوع شهداء وجرحى”. وأضاف:” يتمتع الصحفيين ا بالحماية كمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني. فالهجمات المستهدفة وقتل الصحفيين هي من جرائم الحرب، ويجب على الأمم المتحدة القيام بإسهام إيجابي في وقف انتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.