ياتي اطلاق التقرير تطبيقاً لأحكام القانون رقم 62 تاريخ 27 تشرين الأول/اكتوبر 2016 (إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب) وتعديلاته لا سيما المادة 15 الفقرة "د" التي نصت على أن تضع كل من الهيئة واللّجنة، كل في اختصاصها، تقريراً موحداً يتضمن برنامجها السنوي وإنجازاتها والصعوبات التي واجهتها، وترفع الهيئة تقريراً موحداً إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وينشر في الجريدة الرسمية، ويعود لمجلس النواب أن يناقش هذا التقرير.
يحرص التقرير على عدم إيراد أيّة بيانات شخصية أو تفصيلية تكشف هوية الضحايا أو الشهود دون موافقتهم. وقد أُنشئت الهيئة للعمل على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفق المعايير الواردة في الدستور اللبناني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان، والقوانين اللبنانية المتفقة مع هذه المعايير، بالإضافة إلى أداء المهام الخاصة المحددة في هذا القانون. ولها في ذلك أن تتواصل بشكل مستقل مع الهيئات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان.
يخلص التقرير إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد ان عدم اقرار المراسيم الناظمة للهيئة من قبل السلطات اللبنانية المتعاقبة منذ تشكيلها في العام 2018، والتعديلات التي طالت قانونها الأساسي عبر قانون الموازنة للعام 2020، والمحاولات المتكررة من قبل وزارتي المالية والعدل، لاسيما في عهد حكومة نجيب ميقاتي الثالثة وهي الحكومة اللبنانية السابعة والسبعون بعد الاستقلال والرابعة بعهد الرئيس السابق ميشال عون، كانت تهدف، قصدا او عفوا، إلى المس باستقلاليتها من خلال اقتراح تعديلات على مسودة نظامها الداخلي والمالي وعرقلة إقرار نظام المتعاقدين وملاك الهيئة، ورفض إصدار مرسوم بتخصيص أحد المباني العامة المهجورة والمغلقة لصالحها، ما يشكل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية الملزمة والقوانين اللبنانية المرعية الإجراء، ومخالفة لمبادئ باريس التي ترعى إنشاء الهيئات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان. الأمر الذي يمظهر تقاعس السلطات في الاستجابة للكوارث المتعاقبة سيما لناحية احترام حقوق الإنسان في لبنان. وبات تفعيل دور الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب أهم من أي وقت مضى.
على ضوء ما توافر من معطيات، يبحث هذا التقرير في واقع حقوق الإنسان لناحية آليات رصد وحماية وتعزيز حقوق الإنسان في لبنان، وتعطيل مرفق القضاء وتداعياته، تعطيل مرفق الأمن وتداعياته، والتمييز ضد الفئات الأكثر ضعفاً ، وانهيار النظم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويخلص التقرير إلى أن السلطات اللبنانية تقاعست عن معالجة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية والنقدية في البلاد، وتركت السكان دون إمكانية كافية للحصول على الرعاية الصحية والمياه، وغيرها من الخدمات. واستمر الإفلات من العقاب في حماية مرتكبي التعذيب والجرائم الأخرى. تم استخدام قوانين التشهير ضد منتقدي السلطات. ظل العمال الوافدون، وخاصة عاملات المنازل، يتعرضون للانتهاكات بموجب نظام الكفالة التمييزي. ولا تزال المرأة تواجه التمييز في القانون والممارسة. وكثفت السلطات من خطاب الكراهية وترحيلها للاجئين السوريين إلى سوريا رغم مخاطر حدوث انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان هناك. وحظرت السلطات أنشطة سنوية تنظمها المنظمات المدافعة عن الأشخاص ذوو الميول الجنسية والهويات الجنسانية المتنوعة.
كما يوثق التقرير الانشطة التي قامت بها كل من الهيئة واللجنة عقب احتجاجات 17 تشرين أول 2019، واستجابة لتداعيات إنفجار مرفأ بيروت في آب العام 2020، وأنشطة الإستجابة لتفشي وباء كوفيد-19، والنشاطات التي قامت بها الهيئة ضمن إطار التفاعل مع الهيئات العشر المنشأة بموجب المعاهدات والهيئات المنشأة بموجب ميثاق الأمم المتحدة لا سيما مجلس حقوق الإنسان والإجراءات الخاصة والاستعراض الدوري الشامل، ومع المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني الوطنية والإقليمية والدولية والجهات الرسمية، والنشاطات التي قامت بها اللجنة بغرض الوقاية من التعذيب.
يوصي التقرير بأن تعترف السلطات اللبنانية بشكل لا لبس فيه بالمسائل التالية:
(أ) إن منع أعمال التعذيب وسوء المعاملة والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها أمام القضاء والتعويض لضحاياها ليست مسألة سياسة عامة، بل هي التزام مطلق وغير قابل للتقييد ملزم للدولة اللبنانية، بغض النظر عن التزاماتها التعاهدية؛
(ب) لا يمكن التذرع بأي ظروف استثنائية على الإطلاق لتبرير أي ممارسة من ممارسات التعذيب أو سوء المعاملة أو التغاضي عنها؛
(ج) لا تنشأ المسؤولية الجنائية الفردية بموجب الولاية القضائية العالمية عن المشاركة النشطة في أعمال التعذيب فحسب، بل تنشأ أيضاً عن القبول الضمني بالتعذيب من جانب موظفي الدولة؛
(د) من دون الشفافية الكاملة والمساءلة الصارمة، سيظل التغاضي عن التعذيب وسوء المعاملة متأصلاً بعمق في أي مجتمع وفي أي نظام حكم.
اضغط هنا لتحميل التقرير الكامل
لمزيد من المعلومات ولترتيب المقابلات يرجى الاتصال بـ:
| info@nhrclb.org | +961 (3) 923 456
إنضم لبنان للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة بموجب القانون رقم 12 الصادر بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2008، وتطبيقاً للمادة 17 منه التزمت الدولة إيجاد آلية وطنية مستقلة لمنع التعذيب عبر إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب. سنداً لمبادئ باريس التي ترعى آليات إنشاء وعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، تمت المصادقة على القانون رقم 62 بتاريخ 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 (إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب). تشكلت الهيئة بموجب المرسوم رقم 3267 تاريخ 19 حزيران/يونيو 2018، كما تشكلت اللجنة بموجب المرسوم رقم 5147 تاريخ 5 تموز/يوليو 2019.